استلهم المجلس الاعلى للاعلام، من خطاب العرش السامي الذي القاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الخامس من تشرين الاول الجاري، عند افتتاح جلالته للدورة الثانية لمجلس النواب ،ووصف جلالته للاعلام ”بالمهنة الرفيعة” لان تكون عنوان ندوته الاولى ،ضمن سلسلة ندوات تم اعدادها من قبل ”المجلس” تؤسس لمؤتمر اعلامي يعقد مطلع العام المقبل يضع اساسا متينا لاستراتيجية اعلامية.
وجمعت الندوة التي عقدت امس في مقر المجلس بعنوان:”واقع الاعلام و الارتقاء بالمهنية ” متحاوريَن تناوبا على وزارة الاعلام قبل الغائها ،وتشابها ايضا في العمل الدبوماسي،و مثلا المملكة كسفراء،تطابقت ايضا رؤاهما حول الاعلام على نحو ما.
واوضح وزير الاعلام الاسبق نصوح المجالي” ان وظيفة الاعلام ودور الصحافة و”الاعلام كله صحافة” بوسائل تقنية مختلف، هي وظيفة اجتماعية ثقافية وانها من روافد متطلبات التقدم في هذا العصر”.
وقال محددا رؤيتة الاولية لدور الاعلام والمهنة في الحياة العصرية ودور الاعلام والصحافة بألوانها، كخادم للحقيقة ومحرك للتدافع الاجتماعي والسياسي وعن دور الاعلامي كطليعة ومحرك للوعي في مجتمعه، ودوره في الدفاع عن الحرية المسؤولة والتصالح مع الحقيقة والالتزام بالمهنية العالية. واضاف ”ان وسائل الاتصال والاعلام ليست سلطة رابعة كما يتصور البعض ولكنها جزء من السلطة الاخلاقية للمجتمعات في العصر الحديث التي تسمى سلطة الرأي العام والسلطة الاخلاقية الحقيقية في المجتمع منوطة بالرأي العام.”
و استبعد المجالي ان تكون وسائل الاعلام قادرة على ان تؤدي دورها المرجو الا اذا كانت حيادية،وقال: عندما يتعلق الامر بالحقيقة فيجب ان تكون حيادية، وملتزمة عندما يتعلق الامر بالدفاع عن مصالح المجتمع وقيم الحق والحرية والعدالة بابعادها الانسانية، فاخفاء الحقائق سواء عن طريق الرقابة المفرطة او الضبط الزائد لوسائل التعبير أو حجب المعلومات يعبر عن عجز اعلامي وعجز سياسي ومظهر من مظاهر الاعلام الموجه، وهذا يتناقض مع حق الافراد وحق الجماعات في الاطلاع على المعلومات التي تهم مصالحهم وحياتهم كما ان الخبرة المتراكمة للعاملين في الحقل الاعلامي، ثم المهنية العالية والموضوعية هي التي تعين الصحفي او رجل الاعلام لكي لا ينزلق في الغرض او التعصب او تجاوز الحقيقة”.
وذكر ثالوث ”المهنية العالية والذهنية الاعلامية والخبرة” امورا من المفترض ان تمنع الاعلامي من التمترس وراء رأي او تقدير صدر عنه بدون سوء نية، والالتزام بالحقيقة والمعلومات الموثقة، حتى لو ناقضت رأياً أو موقفاً سابقاً له والتراجع عن الخطأ، افضل الف مرة من التمادي في الخطأ عند معرفة الحقيقة.
وقال : مثله الصحفي الذي يبادر الى اتهام الناس بدون بينة، لانه يستند الى الشبهة ولا يستند الى المعلومات الموثقة، ويهمه ان يعود حكماً اجتماعياً عشوائياً على الناس ولا يهمه ان يصدر حكماً عادلاً في أي قضية، او شبهة تدور حول الاخرين.
مشيرا الى ان معظم الذين يبادرون، الى التشهير بالناس بالكلمة ويبالغون ،يلوذون بالصمت، عندما تظهر الحقيقة او البراءة وكأن براءة الاخرين لا تعنيهم.
وأيد وصف الاعلام بانه”مهنة لها اصولها ومتطلباتها وادبياتها وآلياتها وليست مهنة من لا مهنة له”. وقال ”تعززت هذه المهنة مؤخراً بعد أن اصبحت مهنة الاعلام بالكلمة والصورة والوسائل التقنية المتاحة في هذا العصر تقدم على تقنيات عالية. ويشير الى ان تكتيكات الاعلام لا تنحصر فقط في المعلومات والاجهزة والرسائل وآليات العمل، لكن ايضا بمجتمع الاعلاميين والصحفيين واصحاب الخبرة والتقنية، والتعليم والخبرات المساندة لهم وهو الفرص التي يتلقونها للتأهيل المهني العالي للتعامل مع متطلبات المهنة والبنى التحتية والمؤسسات النوعية المساعدة لعملهم وما يتوفر لهم من تسهيلات، وحوافز في العمل، ومناخ الحرية الذي يفسح المجال للابداع او يكبح القدرة على التعامل مع الوظيفة الاعلامية ومناخ الحرية يرتبط برؤية الدولة والمجتمع لدور الاعلام وتوفر القوانين التي تكفل حرية العمل الاعلامي وبقدر ما تتطور رؤية الدولة والمجتمع للاعلام بقدر ما يتطور الاعلام.
و ذكر بان ”الاتجاه في العالم الى عدم مركزية الاعلام كجزء من تعميم الحريات وفصل السلطات، حتى يصبح الاعلام عاما تتشارك فيه جميع الجهات والاطياف الاجتماعية، رسمية واهلية على حد سواء، كل بقنوات توصل خطابه، ويجوز الجمع بين تعدد الآراء، ويقربها او يوضح الابعاد بينها، فالالتقاء التاريخي بين تكنولوجيا الاتصال والاعلام يعظم دور الاعلام في ابراز دور الجماهير والرأي العام كقوة ضاغطة وموجهة في الدول والمجتمعات، كما ان تنوع المشاركة والاداء يمنع استخدام الاعلام كوسيلة للسيطرة والتأثير من طرف واحد” .
و ابدى ملاحظات على الوضع الاعلامي و قال : هنالك عدم تناغم بين وسائل الاعلام، فهي تتجاور احياناً ولا تتناغم وهو ما يحول بين اداء وظيفتها من تجسير اهتمامات الدولة ومؤسساتها وسياساتها مع تطلعات المجتمع (وهما شطرا المجتمع)،اضافة الى تعدد الادارات الاعلامية، وعدم تناغمها يصاحبه في بعض المؤسسات تعدد مستويات الادارة من الجهاز الاعلامي الواحد، وتضارب صلاحيات المدراء والادارات مما يعيق العمل الاعلامي.
و أضاف ايضا:تغيير المناخ الاداري والمعيشي للاعلامي ساهم في تسريب الكفاءات، ولهذا هناك مزاوجة بين سلبيات الوضع القديم (قلة الرواتب والضبط الزائد وسوءات الوضع الجديد (تسيب وتسرب) والهيكليات التي لا تنتهي).
و هو ما ايده ايضا وزير الاعلام الاسبق،رئيس التحرير المسؤول لصحيفة الدستور نبيل الشريف،الذي تحدث الشريف عن الاشكاليات التي تواجه موضوع المهنية و حددها بثلاث هي: اشكالية الخوف من اساءة استعمال هذا الموضوع لتقييد الصحافة، مستطردا بقوله ”هذا خوف مشروع ونحسب انه في مكانه الى حد ما” لكن علينا ان نشير الى ان معايير المهنية تحمي الصحافة وتعزز الحريات وليس العكس، لاننا نخلق اصدقاء جددا للصحافة، وعكس ذلك يجعل حتى من اصدقاء الصحافة اعداء لها.
وثاني الاشكاليات ان ثقافة العمل الصحفي تميل الى الجانب العملي اكثر من الصحفي، فهناك مدونات سلوك لكن احدا لا يعرف عنها شيئا ففي زحمة العمل فان هذه الجوانب والضوابط تضيع فيها، وثالثها تكمن في السؤال الذي يطرح وهو ”هل الصحافة مهنة؟” وهو ايضا سؤال مشروع فالصحفيون اصحاب رسالة ودعاة للاصلاح والتغيير فهل يعقل حصرنا في اطار مهني ونحن نحاول ان نأخذ دورا رياديا في المجتمع، هل سننحسر في معيار وظيفي ضيق.
ولفت د. الشريف الى توجيهات جلالة الملك في الرؤية الاعلامية الملكية التي اطلقها جلالته عام 2003، وكان احد ركائزها الهامة الارتقاء بالمهنة.
وشدد د.الشريف على اهمية التدريب لرفع سوية المهنية، وقال ان هناك صنفين من المتدربين احدهما الدراسة والتعليم بالجامعة، والآخر التدريب في غرف التحرير بالصحف وهذا النوع هو الجانب الاعرض بين الصحفيين فالعدد الاكبر منهم تدرب داخل الصحف في غرف التحرير.
وحمّل د.الشريف المؤسسات الاعلامية نفسها مسؤولية تدريب الصحفيين والاعلاميين، معبرا عن عدم رضاه عن الدور الذي تقوم به الجامعات في موضوع التدريب، فالامر بحاجة الى معايير وممارسة وتدريب عملي، فالتعلم لا يمكن ان يكون نظريا، لا يمكن ان تدرك العمل الاعلامي الا بالممارسة، سيما وان جامعة اليرموك تعتبر بعيدة عن اجواء الصحافة الحقيقية كونها ليست بالعاصمة وبالتالي فان مسألة التدريب الفعلية غير موجودة لطلبتها.
ولفت الى مبادرة جلالة الملك في دعم صندوق التدريب في نقابة الصحفيين، .
واعلن عن قرب بدء عمل ”معهد الاعلام الاردني” الذي ترأسه سمو الاميرة ريم العلي، وسيباشر تقديم برامجه العام المقبل،وسيمنح درجة الماجستير في الصحافة والاعلام خلال سنة واحدة، اضافة الى عقده دورات تدريبية، مشيرا الى دور المجلس الاعلى للاعلام ايضا في التدريب، ليبقى بعد ذلك التنسيق بين هذه الجهات .
وشدد د.الشريف على اهمية التخصص في الصحافة، وتطوير المهارات من خلال تنظيم دورات متخصصة، مشيرا الى انه في السابق كان المندوب الصحفي يعمل على تغطية اخبار عدد من المناطق، امّا الان تغيرت الامور واتسعت دائرة الاحداث وبالتالي يجب ان يكون هناك تخصص في العمل الصحفي، مشيرا الى انه بالامس (امس الاول) كان هناك حديث عن الصحافة البيئية، وهناك بطبيعة الحال الكثير من التخصصات في الكتابة الصحفية وبالتالي فان هذا الامر ضروري.
وتحدث عن الادبيات الصحفية وواجبات الصحف، وذلك في احترام الحقيقة، و استخدام الوسائل المشروعة، والحفاظ على مصدر المعلومة، وتصحيح المعلومات المنشورة في حال تبين خطأها، و التفرقة بين الخبر والتعليق، وكذلك بينه وبين الاعلان مدفوع الثمن، والابتعاد عن تضليل القارئ.