تدور هذه
الأيام معارك حامية الوطيس بصحيفة (بورتسودان مدينتي) التي تصدر من منظمة
بورتسودان مدينتي، بين هيئة تحرير الصحيفة ومجلس إدارتها بعد ان نشبت خلافات حول مسائل
إدارية وترتيبات إجرائية، قام بها مجلس إدارة الصحيفة واعتبرها اعضاء هيئة التحرير
توغلاً في صميم العمل التحريري.
وبدأ ذلك من خلال تكليف مجلس إدارة الصحيفة
للجنة رباعية مهمة تقليص عدد أعمدة الرأي بالصحيفة وقررت اللجنة ايقاف اعمدة جميع
أعضاء هيئة تحرير الصحيفة بجانب أعمدة رئيسية تأسست عليها الصحيفة وقامت بتنفيذ
ذلك فوراً وبدون أخطار الكُتاب بذلك، وتفاجأ كتاب الأعمدة بقرار مجلس الإدارة
عندما جاءوا لتقديم موادهم للطباعة.
وتصاعد
الصراع عندما قرر رئيس تحرير الصحيفة كتابة افتتاحية العدد (66) حول موضوع ايقاف الاعمدة
بحيث يحمل مضمونها افادات للقراء تجيء على خلفية قرار مجلس إدارة الصحيفة باستبعاد
بعض كتاب الصحيفة بمن فيهم كل منسوبي هيئة التحرير والابقاء على من رأي المجلس عبر
اللجنة التي كونها أنهم أهل للكتابة دون غيرهم في الصحيفة, إلا ان اعضاء هيئة
التحرير وعلى رأسهم رئيس التحرير تفاجأوا بغياب الافتتاحية حيث تم بترها من العدد
بأمر من الأمين العام للمنظمة الذي لاحق افتتاحية الجريدة في مرحلة الطباعة وأمر
بحجبها، مما دفع رئيس تحرير الصحيفة الاستاذ أحمد بابكر المهدي ومدير التحرير محمد
أوشيك هشل ومستشار التحرير عبدالوهاب مالك ورئيس قسم التحقيقات عوض البارئ محمد طه
ومحرر قسم التحقيقات عثمان اوشوك ونائب رئيس قسم الاخبار اقبال حسن اسماعيل على
تقديم استقالات مشروطة لمجلس إدارة الصحيفة باستبعاد أمين عام المنظمة عن الصحيفة
والاداء التحريري، غير ان مجلس الادارة عقد اجتماعاً عاجلاً إتخذ فيه قراراً بقبول
استقالة هيئة التحرير.
وقال
الاستاذ جعفر بامكار عضو مجلس الادارة والمدير التنفيذي لمنظمة بورتسودان مدينتي
في اتصال هاتفي "ان الاعضاء المستقيلين لايؤثرون في اداء الصحيفة بل ذهابهم
يفتح الباب أمام آخرين". وأكد على ان المنظمة مستعدة على استقدام كوادر صحفية
بديلة لهؤلاء, موضحاً بأن السودان مليء بخريجي كليات الاعلام وأبان عن جهود جارية
لتحسين وتجويد أداء الصحيفة حيث تم ادخالها مؤخراً على شبكة الانترنت وانشاء موقع
خاص لها واجراء ترتيبات ادارية لتنظيمها من الداخل وسيتم زيادة عدد صفحاتها الى 16
صفحة.
وفي رد
على سؤال (السوداني) حول مصير الصحفيين الذين تم تشريدهم من جراء قرار قبول
إستقالاتهم قال بامكار "إنه لا حق لهم لدى المنظمة".
فيما قال
الاستاذ أحمد بابكر المهدي رئيس التحريرالمستقيل لـ (السوداني ) "بأن قرار
ذهابهم لارجعة منه وإنهم سيطالبون بحقوقهم المادية خلال فترة عملهم بالصحيفة لما
يربو عن الستة عشر شهراً بجانب المطالبة بحقوقهم الادبية باعتبارهم مؤسسين
للصحيفة".واستهجن المهدي تصرف أمين عام المنظمة في حجب افتتاحية الجريدة من
العدد (66) وتدخله في العمل التحريري بالصحيفة, مؤكداً بأن هذا لا يتماشي مع النظم
والاعراف الصحفية ويخل بمهنية الصحيفة, وأردف في حديثه للسوداني "ان
التجاوزات فاقت حدها من جانب الامين العام للمنظمة وسنظل موقوفين عن العمل حتى تتم
عملية اعادة ترتيب للاوضاع بما يتماشى مع المهنية الصحفية".
وبالرغم
من انسحاب رئيس التحرير وأعضاء هيئة التحرير صدر العدد (67) من الصحيفة السبت
الماضي وجاء في افتتاحيته "أن المركز (الخرطوم) استأثر بطهاة المطبخ الصحفي
بمنظوره الاحترافي في قيادة العمل التحريري ولم يكن امامنا سوى الاستعانة ببعض
موظفي العلاقات العامة ومراسلي الصحف في شغل وظائف التحرير القيادية كخطوة مرحلية,
كنا ندرك ان القطار لن يمكث فيها كثيراً حتى إن الأمر ذهب بنا لأن نسعى لمنح القيد
الصحفي لمن قمنا باختياره لرئاسة التحرير. وقد أفلحنا في ذلك وقمنا بسداد رسوم ذلك
المنح من حر مال الصحيفة ) والمشار اليهم بموظفي العلاقات العامة هم رئيس التحرير
احمد بابكر الذي كان مديراً للعلاقات العامة للخطوط البحرية السودانية ببورتسودان
مؤسس صحيفة الشرق ومستشار التحرير عبدالوهاب مالك موظف علاقات عامة بهيئة الموانئ
البحرية في السبعينيات والثمانينات.
هذا وتقدم
اعضاء هيئة تحرير صحيفة بورتسودان مدينتي المستقيلين بشكوى ضد مجلس ادارة الصحيفة
الى المجلس القومي للصحافة والمطبوعات كما تقدم هاشم كنه المحامي الأمين العام
للمنظمة بشكوى مماثلة طالب فيها مجلس الصحافة والمطبوعات القومي باعتماد صحفيين
جدد لقيادة الصحيفة ولم تصدر بعد فتوى قانونية حول شكوى الجهتين من مجلس الصحافة
والمطبوعات.
يذكر ان
صحيفة بورتسودان مدينتى صحيفة ولائية تصدر عن منظمة بورتسودان مدينتي التي تكونت
في العام 2002م, وأسست هذه الصحيفة في نوفمبر من العام 2005م, وحشدت لها كوادر
صحفية مميزة في بداية مشوارها الا انهم تقلصوا من وقت لاخر حتى غادرها رئيس
التحرير وخمسة من اعضاء هيئة التحرير مستقلين، ولم يعرف بعد مصير مستحقاتهم
المادية والمعنوية، خاصةً وان هناك اخرين مثل كتاب الاعمدة عملوا لاكثر من ستة عشر
شهراً دون اي مقابل مادي, واخيرا حذفت اعمدتهم بقرار من مجلس الادارة ووصلت شكاوي
صحافيي الصحيفة الى مكتب الوالي ومكتب العمل بولاية البحر الأحمر والمجلس القومي
للصحافة والمطبوعات واتحاد الصحفيين السودانيين. وتعتبر صحيفة بورتسودان مدينتي
التجربة الولائية الخامسة اذ سبقتها صحيفة الشرق في منتصف الثمانينات الذي ترأس
تحريرها الاستاذ احمد بابكر المهدي وصحيفة صوت الشرق وصحيفة الشرقية وصحيفة الشروق
وأخيراً بورتسودان مدينتي وربما تصدر غداً صحيفة ولائية أخرى، لان الفهم الاعلامي
في الولاية فهم متزن لمعانى الصحافة ورسالتها المقدسة, سوى أن قلة من الإعلاميين
تحول دون الوصول إلى الهدف الأسمى وهو ضمان إستمرارية الصحف الولائية خاصة في
ولاية البحر الأحمر التي يتفرد قارئها بالتفاعل الإيجابي مع إصدارته المحلية فقارئ
البحر الأحمر قارئ ذكي ولماح يتقبل ويٌقيم كل عمل متقن ويرفض ويعادي كل عمل غير
جدير بالمتابعة، لذلك كان لزاماً لصحافيي البحر الأحمر التفكير دوماً في إصدار
تجارب صحافية ولائية ويساعد في ذلك ضحالة فرص النشر للمواد الولائية في الصحف
القومية خاصة في الأعوام الماضية، فهناك أحداث تستحق التغطية والإهتمام الإعلامي
لاتجد حظها للنشر لأسباب عدة من بينها تركيز الصحف على الأخبار والأحداث المركزية
وقلة مراسلي الصحف في الولايات, كل ذلك ساعد في تكرار تجارب الصحف الولائية في
البحر الأحمر إلا أن تجربة (صحيفة بورتسودان مدينتي) وهي الأولى من نوعها حيث لم
يسبق أن إختلفت هيئة التحرير مع مجلس إدارتها بهذه الطريقة المخجلة التي حسمت بها
الأمور داخل الصحيفة بعد مرور أكثر من عام على صدورها خاصة وإن مجلس الإدارة لم
يضع أي إعتبارات للذين صنعوا الصحيفة بجهدهم وفكرهم, ولعل دافعه في ذلك عدم وجود
سلطات نقابية للصحفيين بالولاية!!