كشفت صحيفة الاوبزيرفر ان جنودا اسرائيليين كذبوا وتلاعبوا بالأدلة في محاولة منهم لعرقلة التحقيق الذي قام به مدعو الجيش حول ملابسات مقتل الصحافي البريطاني جيمس ميلر. واستندت الصحيفة الي تقرير أعده محامي الجيش الاسرائيلي/ القيادة الجنوبية والذي جاء في 79 صفحة، حيث يقدم التقرير شهادات الجنود التي اعدها المحققون حول مقتل المصور التلفزيوني في غزة، ويصور التقرير كيف غير الجنود شهاداتهم.
ويقول التقرير ان قائد الوحدة التي اتهم جنودها باطلاق النار سمع جنوده وهم يكذبون اثناء التحقيق ولسوء الحظ لم يذكر هذا للقيادات العليا في الجيش . كما يقول التقرير ان مخزن البندقية التي استخدمت في عملية القتل قبل عامين، تم تغييره. ويقول التقرير ان البنادق التي قدمت للمحققين لا يمكن ان تكون قد استخدمت في عملية القتل التي تمت في رفح. ويواصل التقرير قائلا من المهم الملاحظة انه اثناء التحقيق، ساد شعور قلق من ان الجنود الذين حقق معهم قاموا بتغيير بنادقهم التي استخدموها في عملية القتل، ببنادق جديدة . ولم يتم توجيه التهمة الي الجندي الاسرائيلي هذا. وتم نشر التقرير في السابع من نيسان (ابريل)الحالي حيث وزع علي كافة القيادات العليا بما فيها هيئة الاركان الاسرائيلية. ومع ان التقرير لم يوص باتخاذ اجراءات جنائية ضد الجنود، الا ان عملية التغطية علي مقتل الصحافي ميلر، ستؤثر علي سمعة الجيش الاسرائيلي، حسبما قالت الصحيفة.
وتحولت عملية اغتيال المصور ميلر الي مصدر للتوتر بين الحكومة البريطانية والاسرائيلية. وقامت لجنة بافتا لجوائز التلفزيون الاحد الماضي بمنح ميلر، بعد وفاته جائزة لانجازه في فيلم موت في غزة . وقتل ميلر في الساعة الحادية عشرة عندما كان يصور اللقطات الاخيرة من عمله الذي شاركت فيه ايضا سايرا شاه. وكان عندما قتل يلبس السترة المخصصة للصحافيين ويرفع العلم الابيض ومع ذلك اطلق الجنود الاسرائيليون الرصاص عليه ومات نتيجة طلقة اصابته في الرقبة.
وحسب الرواية الاسرائيلية الاولي فانها قالت ان الجنود ردوا علي اطلاق النار، وحسب الاتصالات اللاسلكية بين الجنود الاسرائيليين فقد اظهرت ان الجنود علموا بوجود صحافيين في المنطقة. وقال والد الصحافي التلفزيوني، جيفري ميلر، انه بسماح القوات الاسرائيلية بالتلاعب بالأدلة فان الجيش الاسرائيلي متورط في مقتل ابني . ويقول التقرير ان كل الجنود قاموا بتغيير شهاداتهم التي قدموها اثناء التحقيق شهاداتهم تقدم صورة فقيرة، والتناقض لم يحصل فقط في شهادات الجنود التي اختلفت عن بعضها البعض ولكن في شهادة الجندي الواحد، والتي برزت في اكثر من مرة مما يعني عدم وجود انسجام ومقارنة مع شهادات الجنود المتناقضة، يقول المحامي ان الفلسطينيين والصحافيين الذين تمت مقابلتهم قدموا شهادات صحيحة. ولكن التقرير يقول ان الجيش لم يجد ادلة ثابتة حول قيام الجنود باستبدال بنادقهم، ويقول ايضا ان الفحص الباليستي لم يثبت وجود علاقة بين الرصاصة التي اطلقها الجندي ها والرصاصة التي قتلت ميلر.
ويشير المحامي هناك شكوك بقيام الضابط باطلاق الرصاصة علي ميلر، الا انني اجد صعوبة في تحميل الضابط المسؤولية القانونية الكاملة. ويلاحظ التقرير وجود تناقض وخلافات داخل وحدات الجيش، وربما قام جنود بقتل الصحافي من اجل توريط جنود اخرين في وحدات اخري. ويتحدث التقرير عن فشل في التسلسل القيادي حيث افترض القادة صدق ما يقوله الجنود لهم.
ولفت التقرير الي احتمال وجود عملية تغطية نتيجة اختفاء شرائط فيديو سجلها نظام المراقبة التابع للجيش الاسرائيلي والذي قد يكون صوّر موت ميلر، مشيرا الي ان الشرائط التي صورها نظام المراقبة يوم الثالث من ايار (مايو) 2003 لم يتم العثور عليها رغم المحاولات التي بذلت لمعرفة مكانها.
وكان ميلر قد اغتيل برصاص الجيش الاسرائيلي بينما كان يصور فيلما وثائقيا في مخيم رفح بقطاع غزة يوم الثاني من ايار (مايو) 2003. وقررت الحكومة الاسرائيلية فتح تحقيق بالحادث من قبل الشرطة العسكرية في تشرين الاول (اكتوبر) 2003، ثم أعادت فتحه مرة اخري في العام الماضي. لكن قاض عسكري اوقف الاسبوع الماضي الاجراءات التأديبية وبرّأ الجندي الاسرائيلي دون ان يتخذ اي اجراء بحقه. وأثار هذا القرار دهشة الحكومة البريطانية، وقامت وزارة الخارجية باستدعاء السفير الاسرائيلي في لندن لمناقشة القضية.