تحت عنوان
"القصة الكاملة لمحاولة توقيفي بالسجن … بأمر رئيس وزراء اسبق" كتب
رئيس تحرير اسبوعية "المحور" الصحافي هاشم الخالدي مقالا اتهم فيه رئيس
وزراء اسبق بمحاولة حبسه اثر مقالات نشرها عن فساد حكومي, و ذكر الخالدي في مقاله
ان قاضي التنفيذ كان قد اصدر قراره برفض التسوية وامر بتنفيذ الحبس والتوقيف لمدة
ثمانين يوماً في سجن الجويدة منذ تاريخ 31/1/2007 في قضية محكوم بها على الخالدي
بمبلغ احد عشر الف دينار على قضية مطبوعات قام بدفع مبلغ 15% من القيمة الاجمالية
وعرض تسوية وتقسيط المبلغ المتبقي بواقع (250) دينار شهرياً، حيث تم تقديم الطلب
لقاضي التنفيذ ولم يصل له اوللمحامي رد قاضي التنفيذ حيث كان المحامي على تواصل
يومي لمعرفة الرد من اجل اتخاذ الخطوة التالية وهي استئناف قرار القاضي وكان الرد
يأتي للمحامي بعدم وجود جديد على ملف القضية.الا انه فوجئ هو و محاميه بامر ضبطه
وحبسه.
وفيما يلي
مقالة الزميل الخالدي:
لم يكن ما
حدث معي صباح الاثنين الماضي بالامر العادي الذي يمكن ان ينطلي على احد، فالقصة لم
تكن مجرد تنفيذ حكم محكمة صادر بحقي وانما تعداه لامور وتفاصيل تدخل في باب محاولة
النيل من الكرامة وعدم احترام الحريات الصحفية والتصيُّد المسبق للصحفي والضغوطات
التي مورست بكل الوسائل لتوقيفي في سجن الجويدة بهدف الانتقام السياسي لصالح رئيس
وزراء اسبق.
والقصة…
او لنقل المسرحية… بدأت فصولها عند الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم عندما كنت
اقف امام قاعة محكمة القاضي نوال الجوهري ممهداً لحضور احدى جلسات قضايا المطبوعات
والنشر حيث انني احرص على الدوام والتقيد بحضور تلك الجلسات، لكنني وبمجرد وصولي
الى قاعة المحكمة احسست ان الاجواء التي تجري حولي ليست بالطبيعية ممثلة بالنظرات
الغريبة والهمس الذي كان ينطلق من متواجدين امام القاعة، وما هي الا لحظات حتى
تقدم مني رقيب من شرطة التنفيذ القضائي وطلب هويتي وعندما استفسرت عن السبب فوجئت
بأنه يقول لي بأنني مطلوب لادارة التنفيذ القضائي، وخوفاً من اللبس اعلمته امام
المحامي الذي حضر معي للمحكمة عن اسمي وصفتي كصحفي واستغربت كيف عرفني من بقية
الصحفيين المتواجدين وذهبت معه بالفعل لادارة التنفيذ القضائي وانا واثق بانه لم
يصدر بحقي اي حكم والا كنت علمت به بالطرق القانونية.
في ادارة
التنفيذ القضائي حدث العجب العجاب وادركت حين شاهدت محامي الخصم انه من قام باعلام
التنفيذ القضائي عن وجودي لانه يعلم انني لا اتأخر عن مواعيد القضايا ولم اكترث
لهذا الامر بالمطلق فليس لدي ما اخفيه وما اخاف منه اصلاً، لانني حين كتبت عن
الفساد والاختلاسات والشبهات الاخرى في كل القضايا التي تناولتها المحور على مدى
اعوامها الخمس… اذ كنت مقتنعاً بما كتبت.. ولا زلت.
المهم
انني تقدمت بكل ثقة نحو قسم شمال عمان لأُؤكد لهم بأنه لم يصدر بحقي اي حكم وان
القضية التي انا محكوم بها بمبلغ احد عشر الف دينار على قضية مطبوعات قمت بدفع
مبلغ 15% من القيمة الاجمالية وعرض تسوية وتقسيط المبلغ المتبقي بواقع (250) دينار
شهرياً، حيث تم تقديم الطلب لقاضي التنفيذ ولم يصلني ولم يصل المحامي رد قاضي
التنفيذ حيث كان المحامي على تواصل يومي لمعرفة الرد من اجل اتخاذ الخطوة التالية
وهي استئناف قرار القاضي وكان الرد يأتي للمحامي بعدم وجود جديد على ملف القضية،
لكن ما حصل انني فوجئت بأن قاضي التنفيذ كان قد اصدر قراره برفض التسوية وامر
بتنفيذ الحبس والتوقيف لمدة ثمانين يوماً في سجن الجويدة منذ تاريخ 31/1/2007 ولم
اعلم انا او المحامي بالقرار والا كنت اتخذت اجراءات ربما مالية لتغطية المبلغ
المتبقي لان المصيبة في هذا الموضوع ان المبلغ لا يقسط ويدفع دفعة واحدة تحت طائلة
الحبس الفوري، وهو الامر الذي لا يعلمه كثير من الزملاء ويجب التركيز عليه.
المهم…
عند دخولي لمكتب التنفيذ القضائي بدأت انا والمحامي باجراءات استئناف القرار لكنني
علمت فيما بعد بأنني اولاً واخيراً سأكون مجبراً على احضار احد معارفي او اقاربي
لتقديم كفالة عدلية وحجز املاكه لقبول كفالته، لكنني حين علمت ان هذا الاجراء
سيؤجل دفع المبلغ لمدة شهر او شهرين آثرت دفع المبلغ المتبقي الذي يصل الى تسعة
الاف دينار بعد ان كنت دفعت مبلغ(1700) دينار في و قت سابق وهي نسبة الـ (15%)
وهنا
دخلنا في جدل مثير يستحق التوقف مطولاً، حيث طلبت من المسؤولين في التنفيذ القضائي
مهلة ان اذهب للجريدة لاحضار المبلغ الموجود في خزينة الجريدة او السماح لي بأن
احضر دفتر الشيكات لسحب المبلغ من البنك غير ان المسؤولون هناك رفضوا السماح بذهابي
للجريدة خوفاً من ان يظن المشتكي انهم ينحازون لي، وضحكت مطولاً على هذه المسرحية
التي تجري امامي وانا اعلم ان رئيس وزراء اسبق كنت تناولته قبل سنوات وكشفت اخطاءه
يتابع على الهاتف مع احدهم تفاصيل نقلي الى سجن الجويدة ليشفي غليله مني…، لكن
الله لم يرد له ذلك وفشلت كل مؤامراته هو وجماعته عن الوصول الى مبتغاهم.
والغريب
في الموضوع ان مدير التنفيذ القضائي الذي تواجد محامي الخصم في مكتبه لحظة دخولي
ادارة التنفيذ القضائي وبعد آن اطمأن الى تسليمي غادر مكتبه واغلق هاتفه النقال
تاركاً لنائبه صلاحيات لا تصل الى السماح لي باحضار المبلغ.
كانت
الدقائق تمشي مسرعة والوقت يأكل الوقت حتى تجاوزت الساعة الثانية عشرة ونصف حيث لم
يتبقَّ سوى نصف ساعة ونيف لاغلاق صندوق المحكمة ما يعني ان الثلاثين دقيقة
المتبقية اذا ما انتهت سأكون مضطراً لزيارة سجن الجويدة لتنفيذ حكم الحبس بثمانين
يوماً .
النصيحة
الوحيدة الغريبة العجيبة التي كانت تصلني من افراد التنفيذ القضائي.. (احكي مع حدا
من اصحابك ييجي يدفعلك اياهم )
بهذه
البساطة كانوا يريدونني ان اقوم باتصال (تخيلوا) مع احد اصدقائي لاطلب منه ان يحضر
لي تسعة الاف دينار خلال ربع ساعة.. (وكاش)، فأيُّ منطق هذا واي مليونير يمكن ان
يحضر هذا المبلغ بهذه السرعة الجنونية حتى لو كان يملك بنك الاسكان المحاذي لقصر
العدل حيث مقر ادارة التنفيذ القضائي.
امام هذا
الوضع المتأزم ادركت ان ثمة مؤامرة كانت تستهدف بكل الاشكال والانواع توقيفي
وحبسي، لكن ارادة الله كانت اقوى منهم جميعاً، وربما لا اقصد هنا ضباط التنفيذ
القضائي الذين وجدت من بعضهم احتراماً كبيراً لي على رأسهم العقيد شفيق الحلحولي،
لكنني اقصد اولئك السياسيين الذين كانوا يحلمون بهذه اللحظة منذ سنوات.. لكن
احلامهم ذهبت هباءاً ورد كيدهم الى نحورهم.
ودعوني
هنا اتساءل وبكل قوة.. هل يوجد حكومة غير حكومة الدكتور معروف البخيت الذي نكن له
كل احترام وتقدير ام يوجد حكومة رئيس وزراء اسبق يعطي التعليماتل… فتنفذ
فوراً… الا يستحق هذا الامر التوقف مطولاً والتحقيق فيه.
بعد لحظات
اجريت اتصالاً هاتفياً مع ابن خالي محمد الخالدي الذي يعمل معي في الجريدة وطلبت
منه دخول مكتبي على جناح السرعة وحاولت واياه فتح الخزنة عبر الارقام السرية التي
طلبت منه تنفيذها على القاصة الحديدية.
لم تفلح
المحاولة الاولى ولا الثانية في الوقت الذي كانت تمر فيه الدقائق بذلك التسارع
المضطرد، لكن المحاولة الاخيرة نجحت وسارع لاخذ المبلغ المطلوب واحضره لي على جناح
السرعة فقمنا بدفع المبلغ دون تردد واحضرنا كتاب "كف الطلب" وخرجت من
ادارة التنفيذ القضائي مسدداً اكبر ضربة قاسية لكل الخصوم الذين كانوا يتمنون
قراءة خبر في صحف اليوم التالي بأنني موقوف في سجن الجويدة على ذمة قضايا مالية.
والقرار
الذي اتخذته منذ اليوم ان لا اصالح مطلقاً وان لا اتراجع عن موقف اتخذته وكتبته
مقتنعاً حتى ولو وصل المبلغ الذي سأسدده لقرارات المحكمة اي مبلغ يحكم به قضاؤنا
العادل…. النزيه..
وللحقيقة
اقول فآنني لم اندم مطلقاً على انتقاد اداء اي موظف عام خاصة اذا كان هذا الانتقاد
سبباً في كشف الفساد واحقاق الحق وتحقيق مصلحة عامة للاردنيين وان ادى ذلك الى دفع
كل قرش املكه، لكنني قدرت ان كانت هذه المصيبة قد حلت او قد تحل على زميل صحفي اخر
قد لا يملك ربع هذا المبلغ لدفعه الى المشتكي عقب حصوله على قرار بالتعويض المالي،
فماذا سيكون مصير هذا الزميل.. بالتأكيد فان ابواب سجن الجويدة ستكون بانتظاره
لقضاء اسابيع طويلة وشهور اطول وربما سنوات تكفي لسداد ذلك المبلغ بواقع دينارين
عن كل يوم حبس.. (تخيلوا).
لكن
الادهى والامر أيها الاخوة ان اي زميل صحفي قد يوقف لمثل هذا الامر سيقال بعدها
بأنه موقوف على ذمة قضايا مالية وليس على ذمة حريات صحفية ما يعني ان نقابة
الصحفيين ومنظمات حقوق الانسان قد تقف عاجزة في الدفاع عن هذا الزميل والمطالبة
بالافراج عنه بحجة ان الاجابة ستأتي من الطرف الاخر بأنها (حقوق ناس.. ولازم
يدفعها).
رغم هذه
الازمة العابرة خرجت فرحاً مسروراً الى حدٍ كبير بسبب التعاطف الكبير من زملائي
الذين انهالت هواتفهم وحتى اموالهم التي وضعوها لاخراجي من تلك الازمة، وكانت
فرحتي اكبر عندما قبَّلت كل واحدٍ منهم معتذراً عن قبول كل تلك العروض وبرجاء كبير
لان الله انعم عليّ من واسع ابواب رزقه (وبالحلال) ما يؤهلني من دفع اضعاف هذا
المبلغ دون ان تهتز لي شعرة.. والحمد لله على فضله والحمد لله على تلك الوقفة
الشجاعة لهؤلاء الاخوة على رأسهم الاصدقاء جمال المحتسب وماهر حبوش وحسن سعيد
ونضال منصور واديب كفاوين وناصر قمش.
اعترف
انني بكيت.. ولكي لا يفرح خصومي بهذا البكاء، سأعترف انه كان بكاء الفرح عندما علم
بعض كبار القوم بالظلم الذي كان يحاك ضدي… وهؤلاء ولانهم يعلمون انني لست ممن
(يقبض) ولست ممن (يرتشي) ولانهم من رجالات الوطن الاخيار الذين لا يلجأون لمثل هذه
الامور المشينة فقد انعموا علي بكرمهم عندما بادر ثلاثة من كبارهم بالاتصال بي
صبيحة اليوم التالي حيث سهلوا لي بحمد الله وبفضله عبر اصدقائهم من اصحاب الشركات
الكبرى توقيع عقود اعلانات سنوية مع جريدة المحور ومجلة السفيرة ستعوض اضعاف ما
ذهب وتجلب الرزق الحلال الذي سيهلِّ علينا من باب الاعلان والاشتراك.
هؤلاء..
طوقوا عنقي بهذا الجميل الرائع ولن انسى لهم ما حييت هذا الموقف الاخوي لانهم
والله كانوا اصحاب واجب واصحاب موقف.. لا يقبلون الظلم مهما كانت قوة الظالم الخفي
الذي تبوأ ذات يوم مقعد الدوار الرابع وارهق الوطن والمواطنين بالضرائب التي فرضها
عليهم فازداد المواطن الاردني (الغلبان) .. فقراً على فقر، بينما ازداد دولته..
غنى فوق غنى.. لكن الله فوق الجميع اذ يقول (ويمكرون ويمكر الله والله خير
الماكرين).
القضية
التي حصلت معي بتفاصيلها التي ذكرت تطرح اسئلة كثيرة؟؟؟… على من تقع المسؤولية
فيما حدث معي… اليس من المفترض احترام الناس واحترام الصحافة فيتم ابلاغي بقرار
الحكم من قبل التنفيذ القضائي او بابلاغ المكتب الاعلامي في مديرية الامن العام
سيما وان مكان عملي معلوم للجميع كما يحدث مع غيري من الزملاء الصحفيين الذين صدرت
بحقهم قرارات تنفيذية قام المكتب الاعلامي بالاتصال بهم لتنفيذها… ام على جهات
اخرى؟!
والامر
الذي يبعث على الغرابة؟… كيف تتحول ادارة التنفيذ القضائي الى متصيِّد لكل من
يدخل قصر العدل من الصحفيين لتضعهم في موقف لا ثالث له، اما دفع المبلغ (كاش) واما
الحبس الفوري، وهذا التصيُّد الواضح هو ما دفع القاضي نوال الجوهري للاستغراب
الشديد واستنكار ان يؤخذ صحفي من المحكمة دون اذنها لمجرد انه تواجد لحضور جلسة من
جلسات المحكمة المعتادة، والمثير هنا ان عدداً من الزملاء الصحفيين حين علموا ما
حدث معي قرروا عدم حضور جلسات القضايا التي يجلسون عليها في قصر العدل خوفاً من ان
تتصيدهم ادارة التنفيذ القضائي… فهل هذه هي الشفافية التي يدعونها…؟!!
سأكتفي
الان بأن اتقدم بشكوى رسمية ضد المسؤول عما حدث واضعها امام مدير الامن العام
مطالباً بالتحقيق في هذا الامر وهذا التصيد الواضح وكلي اطمئنان بأن القضية ستلاقي
اهتماماً كبيراً من عطوفته الذي علمنا ان حرية الصحافة مربوطة باستراتيجية الامن
العام التي يريدها سيد البلاد.. لكن المحزن ان هذه الرؤية الثاقبة للحريات الصحفية
بدأت تصطدم بعقول تحاول اعادتنا الى مصطلح (الدولة البوليسية)، وندعو الله مخلصين
ان يبعد هؤلاء عن مدير الامن العام خوفاً من افشال سياسة الشفافية والشراكة مع
المواطنين وحفظ كراماتهم التي اختطها منذ تعيينه بهذا المنصب الحساس.
اما
دولته.. رئيس الوزراء الاسبق الغارق حتى اذنيه الآن في محاولة معرفة الضربة
القادمة للمحور فأقول له ما قاله رب العزة.. بعد بسم الله الرحمن الرحيم.. (أُذن
للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير.. ) صدق الله العظيم.