يتعرض الإعلام العربي لعدة ضغوطات وانتقادات من عدة، وذلك بحسب آخر الأنباء التي تحدثت عن الانتقاد والتهديد لعدد من المؤسسات الإعلامية العربية.
وتشير غالبية المعلومات والإحصاءات أن الانتقادات الموجهة للإعلام العربي بدأت في التكاثر منذ الهجمات الأمريكية الأولى لاحتلال العراق، الأمر الذي يشهده الإعلام العربي الآن ممثلاً بعدة مؤسسات رسمية ومستقلة.
وقد زاد من حدة الانتقادات الغربية للإعلام العربي، حادثة “تسونامي” التي تزامنت مع انطلاقة العام الجديد 2005، وبعض الآراء التي خرجت من مؤسسات إعلامية عربية في المنطقة.
باريس تعاقب “المنار” و”بلا حدود” تنتقد دمشق
ففي السادس من كانون الثاني الحالي، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية خبراً يفيد بأن باريس قد شرعت “في اتخاذ إجراءات عقابية بحق محطة المنار اللبنانية بذريعة معاداتها للسامية، وأن جمعية “مراسلون بلا حدود” التي تتخذ من باريس مقرا لها طلبت من الرئيس السوري بشار الأسد وضع حد للانتهاكات اليومية لحرية الصحافة في بلاده”.
وذكرت جمعية الدفاع عن الصحفيين عشية اليوم العالمي السادس والخمسين لحقوق الإنسان في بيان موجه للأسد أن وسائل “القمع والتخويف التي تعتمدها أجهزة الأمن حولت المشهد الإعلامي السوري إلى ما يشبه الصحراء”.
ونصحت مراسلون بلا حدود “إذا ما كانت السلطات السورية ترغب حقا في العودة إلى صفوف المجموعة الدولية وتحسين صورتها، فعليها منذ الآن أن تتقبل ظهور صحافة مستقلة في البلاد”. وتصنف الجمعية الرئيس الأسد من بين “كبار أعداء حرية الصحافة”.
وكان المجلس الحكومي الأعلى للإعلام المرئي والمسموع في فرنسا قد أعطى الضوء الأخضر لمحطة المنار يوم 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي للاستمرار بالبث في فرنسا ضمن شروط معينة.
ولكن المجلس رفع بعد عشرة أيام طلبا بمنع البث أمام مجلس شورى الدولة، وذلك بعد تسجيله كلاما معاديا للسامية بثته المحطة – حسبما أعلن – في ظل صمت لمؤسسات الدفاع عن حرية الصحافة الدولية.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران الخميس الماضي في مجلس الشيوخ أن برامج المنار لا تتماشى مع “قيمنا”.
لبنان يطلب مناقشة قضية المنار ولجنة الإعلام العربي ترفض مناقشتها منفردة
في الوقت ذاته، طلبت لبنان من اللجنة الدائمة للإعلام العربي مناقشة موضوع قناة المنار وما تتعرض له من حملة دعائية في أوروبا وأمريكا واتخاذ فرنسا قرارا بوقف بث برامجها على القمر الصناعي وقيام السلطات الأمريكية بإدراجها على قوائم الإرهاب.
وطالبت لبنان المؤسسات الإعلامية العربية التعامل بالمثل مع المحطات الأوروبية التي تبث على الأقمار العربية.
وكشف مصدر مسؤول لموقع “عرب 2000” في كندا “انه لم يتم التجاوب مع الطلب اللبناني باتخاذ قرار مستقل بشان موضوع قناة المنار وتم رفعه من جدول أعمال اللجنة” إلا انه لم يوضح الأسباب التي أدت لاتخاذ هذا الموقف والاكتفاء بالتوصية التي ستتناول موضوع الدعاية الإسرائيلية المعادية.
وأكد السفير محمد الخمليشى الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام بالجامعة العربية أن الإعلام العربي أصبح ألان يملك قواعد ناجحة للعمل الاعلامى من خلال تواجد 50 محطة تلفزيونية وإذاعية تبث عبر الأقمار الصناعية لتقديم البديل العربي الذي يلبى احتياجات المشاهد في جميع النواحي المعرفية وناشد المنظمات الدولية أن تقوم بحماية الصحفيين العاملين في الاراضى الفلسطينية المحتلة من الاعتداءات الاسرائلية.
وعلى الجانب الآخر رفضت اللجنة الدائمة للإعلام العربي مناقشة قضية قناة المنار بخصوص ما تتعرض له من حملات دعائية في أوروبا ووضعها أميركيا على قوائم الإرهاب وإن كانت ستتم المناقشة في إطار أوسع يتعلق بضرورة التصدي العربي للدعاية الإسرائيلية المعادية في الساحة الأوروبية وتمكين القنوات العربية من الوصول للمشاهد الغربي وخصوصا العرب المقيمين هناك.
في أعقاب اتهامها بالتسبب في “تسونامي” .. أميركا تهدد صحيفة “الأسبوع” المصرية وفضائية “المجد”
وأعربت الولايات المتحدة الأميركية عن غضبها من تعاطي بعض وسائل الاعلام العربية مع كارثة جنوب آسيا.
وقد جاء ذلك في نشرة الأخبار الرئيسية على شبكة “إن بي سي” الأميركية، التي استعرضت اتهام صحيفة “الأسبوع” المصرية للولايات المتحدة بإجراء اختبار نووي تسبب بأمواج تسونامي، الأمر الذي تبنته إحدى المنتديات التفاعلية “الأصولية” بحسب ما نقلت الـ”إن بي سي” التي أشارت أيضا إلى فتوى أصدرها الضيف الدائم في برنامج “الجواب الكافي” الذي تبثه فضائية المجد أستاذ الفقه المساعد في جامعة الإمام الدكتور عبدالعزيز الفوزان، يربط فيها بين “احتفالات الميلاد” وكارثة الأمواج العاتية التي حصدت أكثر من 146 ألف قتيلًا حتى الآن.
وبحسب موقع “إيلاف” فإن وزارة الخارجية الأميركية وبالتعاون مع شبكات تلفزيونية متعددة تعمل على إجراء اتصالات مع عدة وسائل إعلامية عربية ترتكب مخالفات مهنية وتزيد الهوة بين أميركا والمسلمين.
وكانت الـ”إن بي سي” أذاعت في نشرتها الرئيسة التي يقدمها براين ويليامز أمس تقريرًا استعرض خلاله الصحافي كيري ساندرز طريقة تعاطي وسائل الإعلام العربية مع كارثة تسونامي.
وأشار ساندرز في تقريره الى الاتهامات التي نشرتها جريدة الأسبوع المصرية والتي أرجعت المأساة في جنوب آسيا إلى اختبار نووي قامت به الولايات المتحدة الأميركية.
إضافة إلى ذلك، أشار كيري الى تبني إحدى “المنتديات التفاعلية الأصولية السعودية” هذا السبب من خلال نقاش طويل تخللته اتهامات للحكومة الأميركية بأنها “تحاول التكفير عن غلطتها عبر دعم المنكوبين والمتضررين”.
كما بثت شبكة (ان بي سي) الواسعة الانتشار صورًا متفرقة للقاء أجرته فضائية “المجد” الإسلامية التي تبث من مدينة الإعلام في دبي ومدينة الإعلام في العاصمة عمان كذلك، مع عضو هيئة التدريس في جامعة الامام بالسعودية قال فيه إنه “عندما ينتشر الزنا والفساد والشذوذ الجنسي في العالم، يحين موعد الكارثة”.
واستغرب الصحافي الذي يعمل لصالح (ان بي سي) في تقريره ربط استاذ الجامعة السعودي كارثة “تسونامي” باحتفالات عيد الميلاد.
ويحظى برنامج “الجواب الكافي” الذي يرد عبره الفوزان على اسئلة المشاهدين بمتابعة خاصة من قنوات فضائية أميركية ترصد بإهتمام فتاوي المشايخ المسلمين في القنوات الفضائية.
وقال الصحافي المتخصص في الشرق الأوسط كلارك سبرينغ لـ (إيلاف) :”رغم التطور الذي حققته بعض وسائل الاعلام العربية الا ان بعضها مازال يمارس اخطاء غير محمودة العواقب” معربا عن تخوفه من منع بث غير قناة بسبب اقترافها ذنوبا تحرمها لوائح البث والنشر “هناك عمل دؤوب في هذا الجانب، ربما يعتبره البعض يتناقض والحريات لكنه أمن وسلامة العالم هو مايبحث عنه الكل حاليا”. تجدر الاشارة أن السلطات الفرنسية قد اوقفت بث قناة المنار قبل أسابيع قليلة بسبب تصريحات أذاعتها معادية للسامية.
يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية اطلقت قناة الحرة الناطقة باللغة العربية مطلع العام الميلادي الماضي نحو تحسين صورتها في الشرق الأوسط وإلى الحد من نفوذ قناتي الجزيرة والعربية الإخباريتين وفي الوقت ذاته تحسين صورة الولايات المتحدة في العالم العربي.
وقال مجلس إدارة “الحرة” في لقاء صحافي “إن من بين أهم أهداف الشبكة التلفزيونية أن تكون شبكة إخبارية متكاملة ومتوازنة”.
وفي إحدى تصريحاته الصحفية أوضح نورمان باتيز رئيس إدارة لجنة الشرق الأوسط في مجلس الأمناء للبث في الشرق الأوسط أن هذه القناة “ستخلق درجة أكبر من الفهم الحضاري والاحترام”. وأضاف أن “جزءا هاما من رسالتنا هي أن نكون مثالا للصحافة الحرة على الطريقة الأميركية”. ولم تحقق الحرة النجاح المأمول بل مازالت تعاني من مشاكل عديدة أدت الى تغيير مستمر في طاقمها وألقت بظلالها على جدواها ومستقبلها.
الجزيرة: التتمسك بالثوابت رغم الضغوطات
وأكدت قناة الجزيرة الفضائية تمسكها بالنهج الذي اختارته منذ انطلاقتها قبل ثماني سنوات، والذي يقوم على المهنية والمصداقية، والمنسجم مع الشعار الذي رفعته أساسا لعملها وهو تقديم الرأي والرأي الآخر.
وقالت إدارة القناة في بيان خاص أصدرته الجمعة 7 يناير الجاري، أنها تعرضت خلال مسيرتها المهنية لمضايقات كثيرة من قبل أنظمة شمولية في المنطقة، ومن قبل جهات خارجية لم يرق لها تمسك القناة بمنهجها الرأي والرأي الآخر.
وشدد البيان على تمسك القناة بثوابتها التي قامت عليها وأنها لن تحيد عنها مهما ازدادت وطأة الضغوط التي تتعرض لها.
وأكدت القناة لمشاهديها أنها مستمرة في الوفاء بمتطلبات الكلمة الصادقة، وأنها لن تنجر وراء المحاولات الرامية إلى شغلها عن رسالتها المهنية، وإلى إشاعة أجواء من التشكيك والاتهام تعتبرها القناة لا أساس لها من الصحة جملا وتفصيلا.
الضغوطات على الصحفيين العرب
ولا تزال منظمات حقوق الإنسان العالمية، والجهات المعنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين، تحاول الضغط على الحكومة الأسبانية لإطلاق سراح الصحفي” تيسير علوني” مراسل قناة الجزيرة، والذي تم اعتقاله على خلفية الادعاءات التي تتهمه بالارتباط بتنظيم القاعدة.
كذلك ما تعرضت له الصحفية الأردنية انتصار العزيزي في سبتمبر الماضي، حيث فصلت من عملها في راديو “سوا” الأمريكي بدبي، وتعرضها الى التأنيب بسبب مقابلتها عن حقوق الانسان في سوريا من رئيس تحرير المحطة.
مؤتمر الاعلام العربي في عصر المعلومات
في الوقت ذاته، يعقد مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية مؤتمره السنوي العاشر من 9 الى 11 كانون الثاني/يناير الحالي في ابوظبي الذي خصصه هذه السنة لموضوع “الاعلام العربي في عصر المعلومات” وفق ما اعلن المركز.
واوضحت نائبة المدير العام للمركز عايدة الازدي خلال مؤتمر صحافي ان هناك نحو 32 شخصية يمثلون “نخبة من القيادات السياسية واكاديميون متخصصون واعلاميون (..) من مختلف انحاء العالم” سيشاركون في المؤتمر.
واضافت أن المؤتمر “سوف يتناول في ثماني جلسات بالبحث اهم الموضوعات والقضايا والاشكاليات المتعلقة بالاعلام العربي ومنها تأثير وسائل الاعلام العربية ودورها وطموحاتها ومصداقية القنوات الاخبارية العالمية وتأثيراتها وتقييم اوجه الشبه والاختلاف بين التيارات والتوجهات الاعلامية العربية والغربية ودور شبكة الانترنيت ومدى استقلالية وسائل الاعلام وحياديتها او انحيازها عند تناولها للاحداث الجارية”.