أعلن يونس مجاهد نقيب الصحافيين المغاربة عن توصل المهنيين وفيدرالية ناشري الصحف والحكومة الى اتفاق مبدئي يقضي بإلغاء البنود المتعلقة بحبس الصحافيين في قضايا النشر، من قانون الصحافة والنشر المغربي، وتعديل القانون الأساسي للصحافي المهني، موضحا أن السلطات الحكومية عبرت في لقاءاتها بالمهنيين أنها لا ترغب نهائيا في ممارسة أي تضييق على حرية الصحافة، وبالمقابل شددت على وجود ضوابط وأخلاقيات يتطلب من الاعلاميين احترامها، وهو ما يبحث فيه المهنيون لإيجاد آليات لتطبيق أخلاقيات المهنة.
وأكد مجاهد، الذي كان يتحدث بالرباط ، مساء أول من أمس، في ندوة نظمها مكتب الرباط لنقابة الصحافيين حول حرية الصحافة والمسؤولية، ان الصحافيين المغاربة لا يتحدثون عن حرية الصحافة وأخلاقية المهنة، كإبداع مغربي محض، بل عبر مرجعية قانونية دولية معروفة في البلدان الديمقراطية. بيد أن مجاهد أشار الى وجود اختلاف واضح بين الحكومة والمهنيين حول فصول في القانون تتعلق بتحديد مضامين ممارسة التحريض على العنف والإرهاب والعنصرية، وكذا ما أصبح يوصف في أدبيات المهنة بـ الخطوط الحمراء، مبرزا أن المهنيين يطالبون بتحديد دقيق للمؤسسات حتى لا تخضع لتأويلات يمكن أن تضيق على حرية الصحافة بالمغرب، كما يؤكدون على أن احترام أخلاقية مهنة الصحافة تتم وفق ضوابط يحددها الممارسون أنفسهم ولا يسمح لأي جهة التدخل فيها.
ومن جهته ربط عبد الله الولادي رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان (جمعية غير حكومية) بين حرية الصحافة والضوابط القانونية والأخلاقية المثبتة في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1976، وكذا اتفاق ميونيخ للفيدرالية الدولية للصحافيين، بكون مضامين المرجعيات الدولية المذكورة حددت واجبات ومسؤوليات الصحافي بخصوص احترام حقوق الآخرين والنظام العام والصحة والآداب العامة واحترام حق العموم في المعرفة والحصول على الاخبار، مشيرا الى أن كل بلد له رؤيته الخاصة لذات المفاهيم ويبقى الأهم هو كيفية ملائمة القانون المحلي مع المعايير الدولية.
وأوضح الولادي أن القانون يجب أن يحترم مهما بدا جائراً، لغياب بديل عنه، وبالتالي على المعنيين بالأمر العمل على الدفع بتعديله وإصدار تشريعات قضائية من أجل تشجيع الحكومة على مراجعة القوانين، مضيفا أن الممارسة الصحافية اليوم بالمغرب قد تؤثر على مرحلة الانتقال الديمقراطي بالسلب أو الإيجاب، من منطلق نوعية مساهمتها في دعم التوجه الديمقراطي ضد خصوم الديمقراطية وتحصين العدالة الانتقالية بالمواجهة الجدية لكل من يريد أن يظل المغرب قابعا في التخلف السياسي.
وفند أبو بكر الجامعي، مدير أسبوعيتي الصحيفة ولوجورنال المستقلتين، أن تكون الصحافة بالمغرب سلطة رابعة، معتبرا الأمر مجرد أكذوبة، واستند في ذلك الى مدى استجابة القارئ والمشاهد للمنتوج الإعلامي المغربي، موضحا أن أكبر عقاب يوجه ضد الصحافي هو طريقة تعامل القارئ مع هذا المنتوج.
وأثنى خالد الناصري عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية (غالبية حكومية) على الأحزاب الديمقراطية التي خاضت صراعا من أجل تثبيت حرية التعبير والرأي والممارسة السياسية بدون مضايقات في عهد وصفه بـ«السنوات العجاف»، إذ ناضلت في سبيل تعميق المسلسل الديمقراطي الحداثي بالاحتكام الى دولة الحق والقانون، مشيرا الى أن الصحافة جزء من هذا التحول لكونها فاعلاً سياسياً يؤثر في الحقل السياسي.
واعتبر الناصري، خلاف الجامعي، أن الصحافة في المغرب سلطة ثانية أو ثالثة وليست رابعة بحكم تكييفها للرأي العام المغربي، وهي مقيدة كجميع السلط بحقوق وواجبات، مبرزا أن البعض يسقط في الفخ حينما يدافع عن فكرة ما مضادة للمشروع المجتمعي المنشود، بدعوى حرية التعبير، مقدما مثالا على تصريحات ندية ياسين كريمة زعيم جماعة «العدل والإحسان» شبه المحظورة، والتي انتقدها كعديد من الفاعلين والصحافيين.
وقال الناصري إن المغرب يعيش نوعا من الدوخان في إطار مرحلة الانتقال الديمقراطي، بين النجاح في اجتيازها والإخفاق، محذرا من مغبة تراجع القوى الديمقراطية في المساهمة بفعالية في تطوير البلاد، لأن الفراغ، على حد تعبيره، سمح ببروز تيار عدمي وآخر متطرف في الفضاء العمومي، مما سيؤدي حتما في نظره الى الكارثة.
وأكد الطيب الشرقاوي مدير الشؤون الجنائية بوزارة العدل على قلة ملفات النشر والصحافة الموضوعة امام المحاكم المغربية، موضحا أن المتابعات القضائية التي حركت أخيرا تمت بطلب من متضررين وليس من طرف النيابة العامة، التي تدافع عن المجتمع، حسب القانون المغربي، وتمارس عملها بحرية تامة وفقا للقانون ولا يمارس أحد أي تأثير على سيرها.
وأبرز الشرقاوي أن حرية الصحافة بالمغرب مضمونة، ولم يوضع أي قيد عليها سوى القانون الذي يضبط عملها انسجاما مع المسؤولية الملقاة على المشتغل في هذا المجال، مقارنا بدول أخرى كأميركا التي تباشر فيها المحاكم عملها في متابعة الصحافيين انطلاقا من القانون.