قالت جماعات معنية بحقوق الانسان ان حرية الصحافة تتعرض لهجمة جديدة في شمال أفريقيا بعد أن قضت محاكم جنائية في الجزائر والمغرب بمعاقبة صحافيين بالسجن ومنع اخرين من ممارسة عملهم لادانتهم في قضايا تشهير.
وتدعو منظمتا مراقبة حقوق الانسان هيومان رايتس ووتش و مراسلون بلا حدود ومنظمات أخري الحكومات الي احترام حرية التعبير بعد شهر عسير بالنسبة لوسائل الاعلام في المنطقة.
وحكم علي رئيس التحرير الجزائري المنتقد للحكومة محمد بن شيكو وأربعة من صحافييه بالسجن يوم الثلاثاء الماضي بعد خسارتهم قضية سب وقذف رفعها وزير النفط الجزائري. وفي وقت سابق من هذا الشهر عوقب الصحافي المغربي البارز علي المرابط وهو أحد المنتقدين بشدة للنظام الملكي في بلاده بالغرامة والحرمان من مزاولة الصحافة لمدة عشر سنوات بسبب مقال كتبه حول منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. ومن المقرر أن يمثل المحامي السجين محمد عبو في 28 نيسان (أبريل) أمام القضاء في تونس بسبب كتاباته المناوئة للحكومة علي الانترنت.
ويراقب الغرب عن كثب منطقة المغرب وهي حليف قوي في الحرب الامريكية علي المتطرفين الاسلاميين بسبب قربها من أوروبا والاصلاح المأمول في الشرق الاوسط الذي يزخر ببعض أشد الانظمة قمعا في العالم.
وقال محمود بلحيمر الاستاذ بجامعة الجزائر ان العالم العربي من المغرب الي العراق يغص بالكثير من الانظمة التي تعارض تحرير الصحافة لان ذلك من شأنه في نهاية المطاف أن يطرح تساؤلات حول النظم السياسية التي تقودها تلك الانظمة. وأبلغ بلحيمر الذي شغل في السابق منصب نائب رئيس تحرير صحيفة الخبر كبري الصحف الجزائرية رويترز أن الصحافة تواجه موجة جديدة من الرقابة علي الرغم من الجمود الذي تعاني منه في تونس وليبيا علي حد تعبيره.
وترفض الحكومات الجزائرية والمغربية والتونسية اتهامات بتكميم الصحافة وتقول ان أنظمتها القضائية مستقلة وتكفل حق استئناف أحكامها. وشهدت الجزائر والمغرب تقدما في مجال حرية الصحافة خلال السنوات الماضية لكن بمعدلات متباينة. ويحاول العاهل المغربي محمد السادس اصلاح المغرب وتحديثه منذ توليه العرش عام 1999 لكنه يواجه ضغوطا من أصحاب المصالح المتعارضة مع عملية التغيير.
وفي الجزائر من المقرر أن يقر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قانونا جديدا لتحرير وسائل الاعلام لكنه استبعد السماح للقطاع الخاص بانشاء محطات تلفزيونية أو اذاعية.
وتقول تونس انها عازمة علي السماح للقطاع الخاص بامتلاك وسائل الاعلام وقامت خلال الفترة الاخيرة بتدشين أول محطة تلفزيونية خاصة.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية في تقريرها السنوي عن الجزائر انها شهدت تراجعا في حرية الصحافة خلال العام الماضي. ووصفت منظمة مراسلون بلا حدود التي تتخذ من باريس مقرا لها الحكم بمنع المرابط من مزاولة الصحافة لمدة عشر سنوات بأنه ضربة خطيرة لحرية الصحافة في المغرب وقالت انه تكتيك لمنع مجلته الجديدة من الصدور بعد حظر مجلته السابقة.
وقال ميلود بلقاضي وهو أستاذ جامعي مغربي ان علي المرء ألا يخلط بين حالة استثنائية وبين القاعدة العامة، مشيرا الي أن الصحف تنشر رسوما كاريكاتورية للملك وان احداها تحدث مؤخرا عن الحياة الخاصة لزوجته. كما تدعو جماعات حقوق الانسان الدولية تونس الي الافراج عن الصحافي السجين حمادي الجبالي. وتقول لجنة حماية الصحافيين انه مضرب عن الطعام منذ التاسع من نيسان (أبريل) احتجاجا علي حبسه الانفرادي المستمر منذ أكثر من عشر سنوات.
كما ادان قائد جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليزاريو) محمد عبد العزيز الممارسات القمعية للحكومة المغربية في حق الصحافي علي المرابط.
وفي رسالة وجهها للصحافي نشرتها وكالة الانباء الصحراوية علي موقعها في شبكة الانترنت عبر عبد العزيز عن تضامنه مع نضال (علي المرابط) من اجل الحرية في مواجهة الحملة العنيفة التي تشنها ضده الحكومة المغربية مستخدمة جميع الوسائل .
واكد عبد العزيز ان هذه الممارسة التي تتناقض مع شعارات الديمقراطية واحترام حقوق الانسان التي تعلنها الرباط، لا هدف لها سوي اسكات صوت الحقيقة وقمع حرية التعبير .
واضاف ان عالم اليوم لم يعد يقبل مثل هذه الممارسات التي تعود الي القرون الوسطي .
وصدر الحكم في حق الصحافي الفرنسي المغربي عن المحكمة الابتدائية بالرباط في 12 نيسان (ابريل) بعد اتهامه بجنحة القذف بناء علي شكوي رفعها عدد من الجمعيات الصحراوية المساندة لضحايا القمع في مخيمات تندوف .
وكانت شكوي هذه الجمعيات تستند الي تصريحات صحافية أكد فيها المرابط ان اللاجئين الصحراويين في تندوف (اقصي جنوب غرب الجزائر) لا يرغبون البتة في العودة الي المغرب مع انهم قد لا يجدون اي صعوبة في ذلك عن طريق موريتانيا.
وتتناقض هذه التصريحات مع الموقف الرسمي المغربي في هذا الملف الحساس. وتعتبر الرباط ان اللاجئين الصحراويين محتجزون لدي جبهة البوليزاريو المنظمة التي تناضل من اجل استقلال الصحراء الغربية مدعومة من الجزائر.