المفروض أن شعبية أية حكومة تتوقف على حالة الاقتصاد، فإن كان صاعداً نالت القبول والتأييد، وإن كان هابطاً تعرضت للرفض وللهجوم. هذه القاعدة لا تنطبق في حالة الأردن، فالاقتصاد اليوم في حالة صعود، النمو مرتفع، والاستثمارات مزدهرة، والمديونية تنخفض، ومستوى المعيشة في تحسن، والدينار مستقر، ومع ذلك لم تتعرض حكومة أردنية من قبل لمثل ما تتعرض له هذه الحكومة.
إذا تلوثت ماسورة مياه في منشية بني حسن طالب النقاد بتطبيق مبدأ المساءلة واستقالة الوزراء المختصين. فإذا استقالوا قالوا أن الحكومة بأكملها تتحمل المسؤولية.
إذا قام صاحب مطعم بصنع شاورما من دجاج مريض أو نافق، فالحكومة مسؤولة، وكان يجب أن تتخذ أشد الإجراءات. فإذا قررت تعليق بيع الشاورما حتى يتم تنظيم العملية والتأكد من سلامتها، فإن القرار يصبح متعسفاً ويؤدي لخسائر كبيرة لأصحاب مطاعم ملتزمة.
وإذا ارتأت الحكومة أن استمرار دعم المحروقات يؤدي لدمار الموازنة، اتهمها النقاد بأنها لا تشعر مع المواطن الفقير الذي لا يتحمل رفع الأسعار. فإذا قررت عدم رفع الأسعار اتهموها بترحيل المشكلة إلى المستقبل.
وإذا أخذت الحكومة قرارها فيما يتعلق بالمحروقات على ضوء الاعتبارات الاجتماعية بصرف النظر عن الأرقام، أخذوا عليها العودة إلى الأرقام فيما يتعلق بدعم الأعلاف، فهم ضد ما تراه الحكومة مهما كان، لأن ذلك يعني ارتفاع سقوفهم.
هذه الحكومة تتعرض لسهام بعض الكتّاب أكثر من غيرها لأكثر من سبب، فهي لا تتدخل في حرية الصحافة مما يسمح للنقاد بتجريد أقلامهم الحادة في وجهها بدون خوف من غضبها، ولا توزع المال على طلابه، ولا تشتري الأقلام برواتب شهرية، وهناك من يقول بأن الحكومة راحلة ومطلوب إضعافها في ظل فرضية أن البديل سيكون رائعاً.
من الواضح أن بقاء الحكومة أو رحيلها لا يعتمد على رضى أو غضب أصحاب الأصوات العالية والأقلام الحادة، ولا على شعبيتها في الشارع، فعليها إذن أن لا تخضع للابتزاز وأن تفعل ما ترى أنه حق ويخدم المصلحة العامة، وإذا لم ينصفها مراقبون الآن فسوف يعطونها حقها فيما بعد.
الدفاع عن الحكومة كالهجوم عليها، لا يضر ولا ينفع، ولا يغير شيئا.