أعرب الناطق
الرسمي باسم الحكومة ناصر جوده عن أمله في أن يأتي اليوم الذي تغيب فيه التشريعات الإعلامية
المثيرة للجدل ولا يرى الإعلاميون فيها قيوداً عليهم.
جاء ذلك خلال
رعايته حفل إطلاق المرحلة الثانية من مشروع »الاستثمار في المستقبل« الذي ينفذه
مركز حماية وحرية الصحفيين بالتعاون مع مؤسسة الصوت الحر الهولندية وبدعم من
الحكومة الهولندية.
واكد الوزير
جوده على انه ممن يرغبون بان يصل الأردن الى مرحلة يلغي فيها قانون المطبوعات وان
يصبح الالتزام بمواثيق الشرف ومنظومات السلوك والقواعد المهنية هي البديل عنها وان
تصبح المؤسسات الصحفية رقيبة على نفسها في تطبيق معايير المهنة.
الوزير جودة
الذي رعى حفل اطلاق المشروع مساء اول امس الجمعة في فندق القدس الدولي اكد على ان
الاردن من الدول التي تتمتع بمساحات واسعة من الحرية الصحفية وقال »نحن في الأردن«
نختلف ونتحاور وهناك وجهات نظر متعددة ومختلفة تنطلق من قاعدة الاختلاف لا الخلاف
.. وهي ظاهرة صحية نفتخر بها .. فنحن نعيش في وطن نمارس فيه نقداً ذاتياً على
انفسنا وليس على غرار ما نشهده في امكان اخرى من ممارسة الديمقراطية على الغير«.
واضاف أن مبادرات
الاصلاح تأتي من الداخل وليس باملاءات خارجية .. لان لدينا قيادة هاشمية متنورة
تعرف جيداً مواقع الخلل في شتى المجالات وتمضي في خطوات الاصلاح والتطور .. خاصة
في مجال الاعلام الذي يؤكد جلالة الملك ان حدود حريته هي السماء وهو ما نسعى اليه
بالفعل«.
وقال جودة ان
الحكومة تتعامل بايجابية مع التقارير التي
تصدرها مؤسسات المجتمع المدني حول حرية التعبير والاعلام في الاردن سواء التي
يصدرها مركز حماية وحرية الصحفيين او المركز الوطني لحقوق الإنسان وقال "هذه
التقارير عادة ما تتضمن انتقادات لمواقع الخلل وتعمل من منطلق الناقد و الناصح في
نفس الوقت وهدفها التطوير والإصلاح.. والحكومة تتعامل معها بايجابية وتقدر الجهد
المبذول فيها".
وشدد جودة
خلال الحفل الذي شارك فيه السفير الهولندي في عمان ورئيس مؤسسة الصوت الحر
الهولندية وعدد من الدبلوماسين والاعلاميين والقانونيين على دعم الحكومة لبرامج
التدريب الاعلامية التي تعدها مؤسسات المجتمع المدني مبديا تقديره للحكومة
الهولندية ومؤسسة الصوت الحر على الدعم المادي والخبرات التي تقدمها في هذا
المجال.
واعرب جودة عن
امله في ان تأخذ برامج التدريب الصحفية صفة الديمومة وان تحمل منهجا علميا وعمليا
لتؤتى ثمارها في تطوير الحالة المهنية للاعلام في الاردن والدول العربية.
واكد جودة ان
اكبر التحديات التي تواجه الاعلام هو معادلة المهنية والمصداقية او الصدقية ..
وقال »هناك وسائل اعلام تمتع بمصداقية عالية في الشارع لكنها لا ترتقي للمستوى
المهني المطلوب .. وبالمقابل هناك مؤسسات تعمل بمهنية لكنها لا تتمتع بالصدقية او
المصداقية اللازمة«.
واضاف
»منطقتنا العربية تقدم مادة دسمة لوسائل الاعلام المحلية والعالم بسبب ما تشهده من
حروب وخلافات وتوترات والمواطن في اي دولة يبحث عن المعلومة .. ولذلك فان وسائل
الاعلام في كثير من الاحيان في ظل الاحداث الساخنة تركز على المعلومة والمهنية ولا
تركز على الصدقية كثيراً لانها ترغب بالحصول على المعلومة بشكل سريع .. لكنها في
لحظات التأمل تبدأ بالبحث عن الصدقية اكثر«.
واعرب جودة عن
امله في ان يصل الاعلام في الاردن والوطن العربي الى معادلة توازن فيها بين
المصداقية او الصدقية وبين المهنية .. مشدداً على ان التدريب وتطوير المهارات لدى
الاعلاميين هو الوسيلة الافضل لذلك.
واثنى جودة
على جهود مركز حماية حرية الصحفيين وبرامجه التدريبية خاصة فكرة تدريب مدربين
اعلاميين عرب ومدربين من قطاع المحامين واعتبر ذلك خطوة مهمة لتوسيع دائرة التدريب
للصحفيين عبر نقل خبرات المدربين الى زملائهم.
من جهته شبه
السفير الهولندي في عمان هوجو سخلتيما العلاقة بين الاعلام والحكومة بانه اشبه
بالرقص الذي تتنوع في شكل الخطوات وطريقتها .. وقال: »احياناً يقوم الشخص الراقص
بخطوة للامام فتتبعه رفيقه ويستمر الامر كذلك .. واحياناً اخرى نأخذ خطوات ..
واحياناً نرجع خطوات.. واحياناً تكون
الخطوات دائرية مما يعني دوما ان الساحة التي تشهد هذه العلاقة دائما هي ساحة
واسعة وليست ضيقة ليسمح بهذه الحركات«.
واكد السفير
انه وخلال السنوات الأربعة التي قضاها حتى الان في عمان لاحظ ان الاردن يتمتع
بمساحة كبيرة من حرية التعبير.
واضاف وهذا ما
دفعنا وشجعنا على دعم انشطة وبرامج تنفذها مؤسسات مجتمع مدني اردني في مجال حرية
الاعلام لاننا نعتقد ان الاردن مثال يحتذى به في حرية التعبير في المنطقة«.
واعرب السفير
عن امله في ان تسهم الخبرات التي تعد لها بلاده في منح الصحفيين والمحامين افكاراً
او خبرات مفيدة لهم ومساعدتهم في دعم وتطوير واقع الاعلام في بلادهم.
وشدد السفير
على ان حكومة بلاده تضع حرية التعبير على سلم اولوياتها لانها تؤمن ان الاعلام هو
وسيلة التواصل والاتصال الاهم في العصر الحالي وهي الوسيلة التي يحصل الناس من
خلالها على المعلومات التي يحتاجونها حتى يتمكنوا من الاختيار واتخاذ القرار
مشدداً على قناعته بان اي مجتمع يطمح بان
يتطور فانه يحتاج لدعم حرية الاعلام لانه المحرك الرئيسي لاي تطور وتقدم.
واثنى السفير
على الانشطة والبرامج التي ينفذها مركز حماية وحرية الصحفيين مشيراً الى ان هذا
المشروع ليس اول تعاون بين الحكومة الهولندية والمركز بل هناك انشطة وبرامج سابقة
دعمتها الحكومة الهولندية مؤكداً ان هذا الدعم يستند الى قناعة بمهنية المركز وقدرته
على إنجاز أفكار لتطوير واقع الإعلام في الأردن.
واكد مدير
مؤسسة الصوت الحر الهولندية بارت ديجكسترا على ان اختيار يوم 8 حزيران لاقامة حفل
اطلاق المرحلة الثانية من المشروع في عمان – ليس مصادفة, وانما لانه يمثل الذكرى السنوية الاولى لاطلاق
المشروع في هولندا.
وقال ديجكسترا
"قبل عام كامل وبضعة ساعات وفي مؤتمر عقدناه في لاهاي لإعلان نتائج الدراسة
قدم لنا وزير الخارجية الهولندية بما قيمته (500) ألف يورو دعما للبرنامج خلال
لقاء جمعنا والزميل نضال منصور رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين مع الوزير .. ولم
يقتصر الأمر على ذلك بل كان وزير التعاون الدولي أيضاً يلتقي بالإعلاميين العرب الذين رافقوا
منصور إلى مؤتمر لاهاي في هولندا لمدة ساعتين تحدث وابدى خلالها اهتماماً خاصاً
برامج تطوير الاعلام في المنطقة".
واشار
ديجكسترا الى ان مؤسسة الصوت الحر قد تأسست منذ عقود من قبل المجتمع الاعلامي
الهولندي الذي يضم نحو »10« الاف صحفي.
وأوضح ان
المؤسسة اهتمت منذ نشأتها بالدفاع عن حرية الاعلام انطلاقاً من قناعة اساسية انه
كلما تقلصت حرية الاعلام تقلصت وتراجعت
الحريات العامة.
وبين ان
المؤسسة باتت تشعر أيضا ان دورها لا يقتصر على دعم حرية الاعلام في هولندا فقط بل
ان عليها واجب مد يد العون لدول أخرى تحتاج وتطلب دعم اعلامها وتطويره ولذلك اطلقت
مبادراتها لدعم الصحفيين في دول أخرى مشيراً إلى نشاط المؤسسة يمتد إلى عدة دول في
قارات مختلفة من امريكا اللاتينية الى افريقيا واسيا.
واشار
ديجكسترا الى ان مشروع الاستثمار في المستقبل لم يبدأ قبل عام بل عمره يمتد الى ما
قبل ذلك وتحديداً منذ »4« سنوات حين بدأ بالتنسق مع مركز حماية وحرية الصحفيين
لدراسة احتياجات الاعلاميين في الاردن والمنطقة.
واضاف
ديجكسترا وبالفعل اجرينا دراسة شملت »6« دول عربية خرجت نتائج مهمة اهمها ان هناك
حاجة لتأهيل مدربين عرب من قطاع الاعلام وقطاع المحامين باعتبار ان ذلك اصبح ضرورة
اساسية في الشرق الاوسط لدعم حرية الاعلام وتطويره.
وقال ديجكسترا
ان الدعم الذي تقدمه هولندا وحكومتها لا يقتصر على الجانب المادي رغم اهميته
القصوى الا انه يمتد ليشمل الخبرات الفنية عبر المدربين لنقل خبرتهم الى زملائهم
في المنطقة.
وأشار
ديجكسترا إلى أن المؤسسة تهتم منذ سنوات بفكرة جريدة تتعلق بالاخبار الموجهة
للاطفال على اعتبار أن الأطفال هم جيل المستقبل
ومن حقهم ان يعرفوا ما يدور حولهم.. مشيراً الى ان ما يقدم من نشرات أخبار
هي موجهة للكبار فقط.. ولذلك تهتم الصوت الحر لدعم برامج اخبار موجهة للاطفال.
ووجه ديجكسترا
الشكر للحكومة الهولندية على الدعم السخي الذي قدمته للمشروع و للحكومة الاردنية
على التسهيل الذي قدمته لإنجاح البرنامج وأثنى على جهود المركز في تنفيذ المشروع
الذي قال انه يسير بشكل ناجح.
رئيس مركز
حماية وحرية الصحفيين الزميل نضال منصور قال"إن جهود المركز تنصب على دعم
وتطوير الاعلام في الاردن والوطن العربي لتجذير الاعلام المهني الحر المستقل".
واوضح منصور
ان مشروع الاستثمار في المستقبل هو ثمرة جهد امتد »3« سنوات في العمل المضنى وقال
»اخترنا له الوردة شعاراً لتكون عصية على الاقتلاع.. ولنعطي مؤشراً على اننا نريد
ان نعمل بشكل مشترك لنروي هذه الوردة لتنمو وتكبر .. واضاف رغم صعوبة ذلك لكننا
نؤمن ان المهمة ليست مستحيلة.
وقال منصور في
كلمته الافتتاحية "نريد إعلاما مستقلا محترفا في العالم العربي وأضاف اخترنا
الدول الستة للعمل فيها بهذا المشروع لما تتيحه لنا من هوامش عمل تسمح لنا بالفعل
وقياس الأثر وهذا لا يعني اختيارها أنها الوحيدة التي فيها هوامش ديمقراطية أو
حريات صحفية .. ولكن لتكون نموذج للعمل" مشيراً إلى أن المشروع قد يتوسع في
المستقبل ليضم دولاً عربية أخرى.
وشدد منصور
على أن الإعلام في الوطن العربي يواجه تحديات كبيرة أهمها الاستقلالية ووصفه بأنه
تحد في "غاية الصعوبة" وقال الحكومات في دولنا لم تصل حتى الآن إلى
قناعة بان الإعلام المستقل شريك لها .. ولا تؤمن بان الإعلام رديف مهم وركيزة أساسية
للإصلاح..
وربما أن البعض
لم يؤمن بعد أن الإعلام طريق مهم للتنمية المستدامة في كل مجالاته وانه مساهم في
جذب الاستثمار ويحارب الفساد ويظهر مؤشرات الشفافية.
وأضاف "لم
تقتنع حكوماتنا بعد ان الإعلام المستقل ليس وسيلة لمناكفة الحكومات او استقواء
المعارضة على السلطة والنظام السياسي .. وانه يعمل كأداة أساسية للإصلاح والتنمية".
وأكد منصور
على أن الأردن يتمتع بهوامش ديمقراطية وحريات صحفية وقال »نقول بكل افتخار اننا في
الأردن نعيش في ظل هوامش من الحرية ولا يمكن إنكارها وأضاف رغم ملاحظاتنا على وضع
الحريات لكن هناك هامش يسمح لنا كمركز في إصدار تقرير عن حالة الحريات الصحفية
اغضب البعض .. لكن وجودة مؤشر بشكل واضح على وجود مناخ معقول من تقبل الآخر
واستيعابه.
وتابع القول "وجود
المركز منذ 9 سنوات والتقرير الذي أصدره للعام الخامس على التوالي هو مؤشر ايجابي
يسجل للأردن ولا يسجل عليه".
وأضاف لدنيا
مآخذ وملاحظات كثيرة على حرية الإعلام في الأردن.. وقلنا ذلك صراحة في تقرير
الحريات وصفنا الوضع بانه محلك سر ويراوح في مكانه .. وقلنا ان ذلك يخالف التوجهات
الملكية التي تقول بان حرية الاعلام حدودها السماء ونحن نريدها كذلك .. لكننا مع
ذلك نقول بدون تردد اننا نعيش في نظام سياسي يشعرنا بالأمان.. . . ويجب ان نعترف
ان الحكومة لديها هوامش حرية وتتقبل الرأي الآخر ونسجل ان حكومتنا اكثر تقدما
وانفتاحا من البرلمان في التعامل مع الإعلام.
ولكن استدرك "لكننا
لسنا مستعدين للمساومة او المقايضة على حرياتنا، فالديمقراطيات لا تقبل بأنصاف
الحلول.
وتابع "نختلف
مع الحكومات ولكنها تحاورت معنا .. ويعرف معالي الناطق الرسمي أننا خضنا مؤخراً
حوارات صعبة ومضنية حول قانون المطبوعات ثم قانون حق الوصول للمعلومات.. ونسجل هنا
أن الناطق الرسمي كان ينصت لنا باهتمام ويحاورنا .. والحكومة كانت أكثر تقدماً من البرلمان… حاورتنا وقدمت آراء أفضل
من النواب.. ولم ترى في مؤسسات المجتمع المدني خصما لها أو أنها تسلم الأسرار للغريب".
وشدد منصور
على أن التحديات التي تواجه الإعلام العربي متشابهة وقال "كلنا في الهم شرق..
كلنا نعاني من التدخلات والتشريعات غير
المنصفة التي لا تستخدم من اجل دعم حرية الإعلام بل لفرض قيود عليه.
وأضاف "ليس
أسهل من القول أن البنية الحاضنة للإعلام في مجتمعاتنا العربية ليست حاضنة مثالية للإعلام
ودعم حريته سواء لجهة نظام الطوائف أو العشيرة الذي لا تقبل بالانفتاح والحرية..
لكن ليس كل الحق على الحكومات .. فالإعلاميون أيضا يتحملون وزراً كبيراً .. فلا
يوجد احتراف في الإعلام العربي ومؤسساتنا الإعلامية لم تصل لمستوى الاحتراف الذي يساعد
على دعم ونمو الإعلام وتطوره".
وأكد منصور
على أن المشروع الذي نفذ بشراكة مع مؤسسة الصوت الحر وبدعم من الحكومة الهولندية
تهدف إلى بناء قدرات الإعلاميين والمحامين وخلق مجموعة من المدربين العرب
المحترفين.
وأعرب منصور
عن شكره لمؤسسة الصوت الحر حيث قال أن المركز عمل معها كشريك أساسي في السنوات
الثلاث الماضية وعملت كخبير يقدم المساعدة ولا يفرض توجهاته، كما عبر عن شكره
للحكومة الهولندية التي قدمت الدعم للعام الأول من المشروع دون أن تتدخل في
المضمون لأنها تؤمن بأهمية الإعلام في دعم وترسيخ الديمقراطية في المنطقة.
وخلال حفل
الافتتاح قدم ثلاثة من الزملاء الإعلاميين والقانونيين شهاداتهم حول حرية الإعلام
والدفاع عنه وتجربتهم في المشاركة بالبرنامج.