اعلن الصحافيون الإسرائيليون اليهود الانسحاب
من الفدرالية الدولية إثر استنكار الأخيرة القصف الإسرائيلي علي قناة المنار
وإصابة سبعة أشخاص، ثلاثة منهم جراحهم خطيرة، في الوقت الذي لم تنبس فيه نقابة
الصحافيين الإسرائيلية ببنت شفة عندما يتعرض الصحافيون الي قتل مباشر من قبل الجيش
الإسرائيلي في المناطق المحتلة.
وعندما تعرض طاقم الجزيرة خلال الاسبوع الفائت
الي 3 اعتقالات متكررة وغير مبررة من قبل الشرطة الإسرائيلية، هي نفسها نتيجة
مباشرة لتحريض علي قناة الجزيرة من قبل إذاعة صوت إسرائيل، ووصف معاريف للجزيرة بـ
البث المشبوه دون أي استئناف علي ملاحقة زملاء في المهنة، تحريض هو بمثابة مطالبة
بملاحقة ومطاردة صحافييها. كما تصر النقابة علي صمتها أثناء تعرض الإعلام
الإسرائيلي في هذه الأيام لأوامر رقابة عسكرية غير مبررة وغير منطقية علي حد تعبير
بعض الصحافيين الإسرائيليين.
بناء علي ذلك أرسل مركز إعلام ، مركز إعلامي
للمجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، رسالة وجهها الي ايدن وايت، رئيس الفدرالية
الدولية للصحافيين، رصد فيها عدم انعتاق الصحافيين الإسرائيليين وكاتبي المقالة من
أسر الفكر والمخططات العسكرية، مشيرا الي أن عدم تضامن نقابة الصحافيين
الإسرائيلية مع الصحافيين والمؤسسات الإعلامية ضحية القتل والملاحقة والقصف
والتدمير هو الوجه الآخر من تغطية إعلامية لا تلتزم بقواعد التغطية المنصفة،
والكشف عن جميع المعلومات، حيث المعلومات الأساسية في أوقات كهذه هي عدد القتلي
والدمار الإنساني الذي تحدثه عمليات الهجوم العسكرية، تستثني من بعض تلك القواعد
صحيفة هآرتس .
وجاء في الرسالة أن الإعلام الإسرائيلي سد
تماما الأفق السياسي، وكان كالصوت المتعطش للحرب، وأبرز خطابا عسكريا واضحا ومؤيدا
ليس فقط للنزعات الحربية والعسكرية للجيش وللسياسة في إسرائيل بل أيضا لما سماه هو
نفسه السير الي النهاية . نخبة كاتبي المقال كرسوا بلاغتهم وقدراتهم الفكرية
لإعطاء الاستراتيجيات العسكرية دون غيرها مطلق الحرية. خوف الإعلام الإسرائيلي لم
يكن من استعمال غير عقلاني وغير أخلاقي للقوة العسكرية، أو لأية قوة أخري، ولم يكن
تحديد استعمال القوة ومحاسبة سوء استعمالها، ولم يكن فحص نجاعة الحلول العسكرية،
ولم يكن فحص الأبعاد الإنسانية والسياسية من القتل والتدمير، بل كان التأكد من قوة
إسرائيل ، دون أن يسأل السؤال ماذا تفعل إسرائيل بتلك القوة، السؤال الذي نستطيع
أن نعرفه كمبرر لوجود الإعلام، وكامتحان لمهنيته وأخلاقياته. بل وذهب الإعلام الي
أبعد من ذلك، الي حد استفزاز الجيش والحكومة بالرد العنيف. أحد أبرز كاتبي المقالة
تحدث باحتفالية عن بدء الحرب، مذكرا بقارع طبول الحرب عندما هلل هلت ساعة النيران
. تكلمت معاريف عن ضعف الحكومة الإسرائيلية إذا لم ترد بقوة، وعن مطالبتها الحكومة
بـ ضرب المقاومة . عمير رابابورت ذهب الي حد وصف السلوك المقبول بل والواجب
لإسرائيل بأنه هدف قومي من الدرجة الاولي وطمأن محرر الصحيفة الجيش والسلطات
السياسية بأن الشعب في إسرائيل كما حكومته يستطيع امتصاص ضربات موجعة في العمق.
وحذر كاتب المقالة من أنه علي القيادة أن تمتنع من أي اعتبارات خارجة عن
الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية.
واعترف البعض بوجود منطق معدني وبارد (للجيش
الإسرائيلي)، الذي يقتل وينتقم، لكنهم لم يعترضوا علي ذلك وحتي لم يتحفظوا، بل
اعترضوا علي عدم مرافقة هذا المنطق المعدني والبارد بصوت يفسره . نتيجة لامتناع
الإعلام أيضا عن أي اعتبارات خارجة عن الاستراتيجيات والتكتيكات العسكرية يمتنع
الإعلام عن إعطاء معلومات حول عشرات القتلي اللبنانيين يوميا، وعن تدمير قري
كاملة، وعن استهداف حافلات تقل النازحين الهاربين من الدمار والموت.
من جهة ثانية أرسل المركز رسالة الي المستشار
القضائي للحكومة ضد ملاحقات الشرطة الإسرائيلية لمراسلي الجزيرة الصحافي إلياس
كرام ومدير مكتب فلسطين وليد العمري، جاء فيها أن الجزيرة قامت بتصوير أماكن سقوط
قذائف الكاتيوشا كما تتطلب منها مسؤوليتها الصحافية، وأنها قامت باستعمال حقوقها
وحريتها في التنقل والعمل ليس إلإ، كما انتهجت جميع وسائل الإعلام ذلك، إلا أنها
تميزت عن غيرها بسرعة الوصول للمعلومة، وبعدم اعتماد النهج الدعائي والعاطفي في
التغطية، وفي نجاحها بوصولها الي ملايين المشاهدين العرب الأمر الذي تفتخر به أي
مؤسسة إعلامية، والأمر الذي ربما أثار حفيظة السلطات الإسرائيلية.
ويعتبر مركز الجزيرة نموذجا مغايرا في الإعلام
الإسرائيلي والغربي معا لأنه الإعلام الوحيد الذي يخضع للميدان وما يحدث من وقائع
حية علي الأرض دون أن يسقط في اعتبارات دبلوماسية القوة وسياسة القوة التي تعبث في
أيامنا هذه.