كما كان متوقعاً .. انتهت قمة تونس وسط تساؤلات منتظري الحلول لردم الفجوة الرقمية ، وقلق الحريصين على قيام مجتمع معلومات محترم للحريات، تاركة العديد من الملفات الهامة المعلقة أبرزها مسألة إدارة الانترنت وتمويل صندوق الهوة الرقمية، واختتمت القمة الأضخم فى تاريخ الأمم المتحدة بمصادقة الدول المئة والستة والسبعين المشاركة على وثيقتين احداهما “أجندة تونس” والاخرى “التزام تونس”.
وتضم “أجندة تونس” 22 صفحة، ترسم بنودا لـ 122 ملمحا استراتيجيا دوليا لسد الهوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب، وتمكين الدول الفقيرة من النفاذ إلى مجتمع المعلومات ، ولم تلزم ” أجندة تونس” الدول الغنية بتمويل برامج سد الهوة الرقمية بين الدول الفقيرة والغنية لكنها اكتفت بمطالبة هذه الدول بدعم”ّصندوق التضامن الرقمى العالمي” الذى أنشىء بفكرة من الدول الفقيرة والذى يهدف إلى سد الهوة الرقمية بين الجانبين ، أما “التزام تونس” فهى وثيقة دعت إلى ضرورة احترام حرية التعبير والتنقل الحر للمعلومات كما ينص على ذلك الميثاق العالمى لحقوق الإنسان ، وقد شارك في القمة التي شكلت اكبر تجمع تنظمه الامم المتحدة، اكثر من 18 الف شخص من عالم السياسة والاقتصاد وجمعيات واعلاميين.
الهوة الرقمية
ناقشت أروقة القمة مسالة أن عدد أجهزة الكومبيوتر في الولايات المتحدة يزيد على عددها الإجمالي في بقية العالم وأن عدد الهواتف في طوكيو يفوق عددها في القارة الأفريقية بأكملها، حيث لا تتجاوز 14 مليون خط، وأن ثمن شراء كومبيوتر في بنغجلادش يعادل رواتب ثماني سنوات لمواطن متوسط الدخل ، فيما هو يعادل راتب شهر واحد لمواطن أميركي من الفئة نفسها. ولكون الحضور العربي لم يكن وازنا ضمن مفاوضات تقاسم النفوذ فسرعان ما اتخذ أهمية سياسية عربية بعد انطلاق سلسلة من المحادثات الثنائية أو الثلاثية بين قادة عرب .
إدارة الانترنت
سخر الوفد الاميركي من الوفود الاوروبية المطالبة بضرورة تدويل واشراك الجميع في إدارة الانترنت ، وبرر الامريكيون استخفافهم بالطلب الاوروبي كون الاوربيون لم يستطيعوا طيلة ست سنوات الاتفاق حول اسم نطاق اوروبي موحد .eu- فكيف بهم يطالبون بادارة نطاقات العالم بأسره ؟!!
توصلت مجموعة العمل المكونة من دبلوماسيين يمثلون البلدان المختلفة إلى اتفاق مبدأي حول مسألة “إدارة الانترنت”. وتركزت الخلافات الرئيسية حول هيئة الإنترنت الأمريكية للأسماء والأرقام المخصصة/ ايكان ICANN على شبكة الانترنت. ويعتمد الحل على إقامة منتدى دولي يشارك فيه ممثلو الحكومات المختلفة، وتناقش فيه قضايا الانترنت المتعلقة بالجرائم عبر الانترنت، والفيروسات والرسائل غير المرغوب فيها، دون تغيير البنية الأساسية لهيئة “إيكان”.
منتدى عالمي
من المفترض أن يقوم هذا المنتدى تحت إشراف السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي انان، وأن يلتقي لأول مرة في اليونان خلال العام القادم . وتفترض الاتفاقية أن يكون هناك تعاون بين المنظمات الدولية المختلفة، لكن دون تأثير على السيطرة التامة على الشبكة والتي تقوم بها هيئة “إيكان”. وأعلن المفاوض الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية دافيد جروس عن سعادته بهذا الحل الوسط قائلاً: “لقد عرفت دول العالم أهمية الانترنت، ولن يتمكن أحد من إعاقة نمو هذه الشبكة”. أما بقية الدول فقد أعلنت عن سعادتها لتمكنها على الأقل من إنشاء هذا المنتدى والتي ستسمح بمتابعة المناقشات حول الأمور الخاصة بالانترنت، لأن عدم إيجاد هذا الحل كان معناه انقسام شبكة الانترنت. وقال الأستاذ الجامعي الفرنسي برنار بن حامو المشارك في المناقشات “لقد تفادينا الأسوأ وإن كنا لم نصل إلى الأفضل”.
أعداء النت
مراسلون بلا حدود تصنف 15 بلدا أعداءا للانترنت في غضون ذلك عرضت منظمة مراسلون بلاحدود في موقعها على الانترنت خارطة تتضمن لائحة بـ 15 بلدا تمارس رقابة صارمة او كيفية على أنشطة مستخدمي شبكة الانترنت. وسمت المنظمة تلك الدول بـ “أعداء حرية الانترنت” و”البؤر السوداء للانترنت عبر العالم” ، ويذكر أن روبير مينار رئيس منظمة مراسلون بلاحدود لم يتمكن حتى من مغادرة الطائرة وانه طلب منه البقاء في مقعده حتى بخرج الجميع وغم تلقيه على حد قوله لدعوة رسمية من الامم المتحدة لحضور القمة إلا أنه تم إبلاغه بأنه غير مسموح له بدخول الاراضي التونسية .
قمة المواطن
في السياق ذاته أقام ممثلو منظمات حقوقية تونسية قمة موزاية لقمة المعلومات على الرغم من عدم حصولها على ترخيص اطلق عليها اسم (قمة المواطن). وقال ممثلو منظمات دولية لرويترز في وقت سابق أثناء اجتماع عقدوه في مقر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بتونس بحضور عدد من ناشطي حقوق الإنسان ابرزهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لي جابو والناشطة الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام إن هذا الاجتماع هو قمة موازية ، ورغم حظر أي قمة موازية لقمة مجتمع المعلومات حسب الاتفاق الحاصل بين تونس والأمم المتحدة فإن سيديكي كابا من الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق الإنسان قال إن “تجمع كل هذا العدد من المنظمات الدولية وناشطي حقوق الإنسان هو قمة موازية بالفعل باتفاق جميع المنظمات”.
كمبيوتر الفقراء
كما ناقش أكثر من 16 ألف مندوب يمثلون 176 دولة في القمة موضوع الفجوة الرقمية ومشاكل الاتصالات بالدول الفقيرة ، فقد كشفت شركات عالمية عن خطط توفير كومبيوترات محمولة يبلغ ثمن الواحد منها مئة دولار أميركي فقط، فضلا عن أجهزة راديو تعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية يمكن أن تستقبل الموجات الدولية. وتأمل الشركات المصنعة في “صنع اكثر من مئة مليون من هذا الجهاز قبل نهاية سنة 2006 وبداية سنة 2007 تخفيفا للهوة الرقمية رغم أجماع الوفود أن هذا الاقتراح لن يردم الفجوة الرقمية لان الامر مرتبط بالاستخدام وليس بالتقنية في حد ذاتها.