أعطى إنشاء اتحاد جديد للصحافيين التونسيين آمالاً جديدة لحرية الصحافة في بلد يعرف بمضايقاته المستمرة للأصوات المتمردة. لكن هل يكون الاتحاد الوطني للصحافيين التونسيين إشارة لتغيير حقيقي؟
في 13 كانون الثاني/ يناير 2008، أنشئ الاتحاد الوطني للصحافيين التونسيين ليحل مكان جمعية الصحافيين التونسيين، التي عرفت خلال 40 عاما بعلاقاتها الوطيدة مع الحكم التونسي المستبد.
هل من سبب يدفعنا للتفاؤل حيال الاتحاد الجديد والتغيير الذي يمكن أن يحدثه في تونس؟
يقول رشيد خشانة، رئيس تحرير صحيفة الموقف للشبكة العربية للاعلام "يعرف أربعة من أعضاء اللجنة التنفيذية التسعة الذين انتخبوا من قبل المؤسسين البالغ عددهم 400 عضوا، بتمتعهم بالكثير من الاستقلالية والشجاعة. وفاز ناجي بغوري بـ215 صوتا، وهو صحافي في صحيفة "الصحافة" الرسمية وعضو سابق في الجمعية المنحلة حيث طرد منها إثر مقاطعته تقريرها الرسمي عن حالة الصحافة في تونس مقدما نسخة مختلفة أقرب إلى الحقيقة."
وتابع خشانة "من الواضح أن الصحافيين التونسيين الشباب شعروا بالحاجة إلى وجوه جديدة. وكانت الانتخابات في الواقع عبارة عن تصويت معارض بما أن معظم المرشحين القريبين من الحكومة قد أبعدوا". وهذا ما قد يعتبر أكثر الظواهر مفاجأة في الاتحاد، ويعطي آمالا جديدة على المستوى الصحافي في تونس.
وأكد أن "الجيل الجديد من الصحافيين لم يصدق الوعود الكاذبة بتحسين أوضاع العمل التي عاشوا في ظلها لفترة طويلة.
ووافقه هذا الرأي السيد كامل لبيدي، المختص في شؤون الصحافة التونسية، قائلا "بدأت مقاومة الحكم المعادي لحرية الصحافة، بالانتشار."
هل توقعت الحكومة هذا التصويت؟ أم أنها كانت تحاول استعادة بعض المصداقية لجمعية الصحافيين التونسيين مقابل اسم جديد، وربما فقدت السيطرة على الأمر في هذه العملية؟
بالنسبة للبيدي، فتلك ليست المرة الأولى التي يفاجئ بها صحافيون تونسيون أحرار الجمهور بالاستيلاء على اتحاد أو جمعية كانت الحكومة تعتقد أنها تحت سيطرتها إلى الأبد.
أضاف "نحن نشهد الانهزام المشين لدمى الحكومة التي كانت تحمل مهمة انشاء اتحاد جديد للصحافيين بغية حجب اتحاد آخر هو "النقابة المستقلة" التي قدمت آمالا كثيرة وإن خفيفة، عند ظهورها في 2004. هذا يذكر الناس بالدعم الكبير لمقاومة حكومة تظهر عدوانية تجاه حرية الصحافة أقوى من تلك التي أظهرها الحكم الفرنسي."
إضافة إلى ذلك، فلو أن المسيطرين على السلطة أرادوا إنشاء اتحاد تمثيلي حقيقي، لماذا لم يشرعوا الاتحاد المستقل عام 2004 والذي يبقى محظورا حتى اليوم؟ تدعو هذه الأسئلة التي تبقى دون أجوبة إلى مستوى عال من التيقظ.
وقال خشانة "سمعت بالضغوط التي تمارس على بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لمنع أكثر الشخصيات حرية من بلوغ مواقع السلطة."
وآضاف كامل لبيدي "لا تعتبر مهمة الاتحاد الجديد سهلة. فقد نجحت السلطة بتحويل جمعية الصحافيين التونسيين المنحلة والتي كانت من أهم المؤسسات الاختصاصية المستقلة في العالم العربي، إلى مقر للمخبرين ودعم الأجندة السياسية للرئيس بن علي. ستبذل السلطات كل جهدها لتحويل هذا الاتحاد الواعد إلى اتحاد "عملاء"."
كما أن مخاوف الصحافيين المادية في تونس، حيث لا يجني بعضهم أكثر من 100 يورو في الشهر، يجب ألا تخفي المطالب الأخرى، وبخاصة فيما يتعلق بتوسيع نطاق حرية الصحافة.
وختم لبيدي "سيلقى الجناح المستقل للاتحاد الجديد دعم الصحافيين الحقيقيين إن التزم بجدية بحماية ضحايا انتهاك حرية الصحافة، من بينهم سليم بوخدير القابع في السجن، وبالعمل على تحرير المهنة من نير القرون الوسطى التي فرضتها الحكومة."
ورحب الاتحاد الدولي للصحافة، ومقره في بروكسل، بالاتحاد الجديد وبخاصة أنه يتزامن مع وقف حجب موقع الاتحاد الذي استمر لسنتين في تونس. وأعلن إيدن وايت، الأمين العام للاتحاد "إنها خطوة إصلاحية مهمة. فبات للصحافة التونسية فرصة للبدء من الصفر في بلد عانى فيه الصحافيون كثيرا."