بدأ العام
الجديد 2006 وفي حوزته عدداً من التقارير الصادرة كما في كل عام عن الحريات
الإعلامية في العالم والتي يعنى بإخراجها وإصدارها أكثر من منظمة دولية مختصة في
نفس الشأن.
وحملت عناوين
الصحافة العام الماضي موضوع العراق الذي نعت بأنه "أشد فتكاً للصحافيين"
على مستوى العالم، الأمر الذي يتكرر مرة أخرى في العام الجديد حيث وصف العام 2005
بالأكثر دموية بدءاً بالعراق، إلا أن تقارير المنظمات الدولية المعنية بحالات قتل
الصحفيين أو انتهاك حرمات الصحافة جاءت كما حصل في تقارير العام المنصرم متضاربة
بعض الشيء.
ففي الوقت
الذي ذكرت فيه لجنة حماية الصحفيين الدولية بأن عدد الصحفيين القتلى في العام
الماضي 2005 بلغ 47 في العالم؛ وأن العراق أصبح البلد الذي يشهد أكثر حالات القتل
في الصراعات الحديثة، قالت منظمة صحفيون بلا حدود ان 63
صحفيا على الأقل قتلوا في أنحاء العالم في عام 2005 وهو أعلى معدل في أكثر من عشر
سنوات حيث كان العراق أكثر الدول فتكا.
وقالت منظمة صحفيون بلا حدود في تقريرها السنوي
ان 24 صحفيا قتلوا في العراق في عام 2005، وكان العدد الإجمالي في العالم هو
الاعلى منذ عام 1995 وزاد عن 53 صحفيا قتلوا في عام 2004 .
ووجدت دراسة
استقصائية سنوية أعدتها اللجنة الدولية أن سبعة وأربعين صحفياً قتلوا خلال العام
2005، وكان ما يزيد عن ثلاثة أرباع هذا العدد قد قتلوا جراء جرائم قتل متعمدة
لإسكات انتقاداتهم أو معاقبتهم على عملهم. بينما بلغ العدد 57 صحفيا قتيلا خلال
العام 2004، كان أقل من ثلثيهم قليلا قد قتلوا جراء جرائم قتل متعمدة.
العراق البلد
الأشد فتكاً لعاملين في الإعلام
وأضاف بيان
اللجنة الدولية بأن العراق كان المكان الأخطر للصحفيين خلال العام 2005، وقد أصبح
النزاع هناك، الأشد فتكا للعاملين في وسائل الأعلام على مر تاريخ لجنة حماية
الصحفيين الذي يمتد إلى 24 عاما.
وقد بلغ عدد
الصحفيين الذي قتلوا أثناء أدائهم لعملهم في العراق 60 صحفيا منذ بدء الاجتياح
بقيادة الولايات المتحدة في آذار/مارس 2003، وحتى نهاية العام 2005.
وقد تجاوز عدد
القتلى العدد الذي بلغه أثناء النزاع الجزائري خلال الفترة 1993-1996، وهو 58
صحفيا.
ويوثق تحليل
لجنة حماية الصحفيين أيضا نزعة ممتدة زمنيا – وهي أن الذين يقتلون الصحفيين لا
يتعرضون عادة لأي عقاب. فقد نجى مرتكبوا القتل من العقاب في 90 بالمئة من الحالات
خلال العام 2005، وهو رقم يتسق مع البيانات التي جمعتها لجنة حماية الصحفيين خلال
ما يزيد عن عقد من السنوات.
وكان ما يقل
عن 15 بالمئة من حالات قتل الصحفيين منذ العام 1992 قد أدت إلى إلقاء القبض على
الجناة والملاحقة القضائية للذين أصدروا أوامر القتل.
وعلى الرغم من
أن عدد الصحفيين القتلى خلال العام 2005 يعكس انخفاضا مقارنة بالسنة السابقة، إلا
أن عدد القتلى يزيد كثيرا عن المعدل السنوي البالغ 34 حالة قتل في كل عام، والذي
وثقته لجنة حماية الصحفيين خلال السنوات العشر الماضية. وفي الواقع، بلغ مجموع
الصحفيين الذين قتلوا خلال العامين 2004 و 2005 مائة وأربعة، مما يجعل هذين
العامين الفترة الأشد فتكا منذ الحرب في الجزائر التي اندلعت قبل عقد من السنين.
وقالت آن
كوبر، المديرة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين، "لقد فقد عدد كبير من
الصحفيين حياتهم لأنهم يقومون بأداء عملهم، وتتحمل الحكومات غير المتجاوبة مسؤولية
عن هذه الخسارة".
ووجدت لجنة
حماية الصحفيين أن عدد الصحفيين الذين قتلوا في العراق خلال العام 2005 قد بلغ 22
صحفيا، أي ما يقارب نصف مجموع الصحفيين القتلى خلال العام. وحتى في هذه المنطقة
التي يسودها الصراع، فإن القتل المتعمد شكل ما يزيد عن 70 بالمئة من حالات مقتل
الصحفيين التي وثقتها لجنة حماية الصحفيين.
وأشارت إلى أن
شيوع القتل المستهدف يعكس تغيّر طبيعة التهديد في العراق، إذ كان السبب الرئيسي في
موت الصحفيين خلال السنتين الماضيتين هو النيران المتقاطعة. وبزغ اتجاه مثير للقلق
الشديد يتمثل في حالات الاختطاف التي تؤدي إلى القتل، لا سيما أنه تم اختطاف
ثمانية صحفيين على الأقل ومن ثم قتلهم خلال العام 2005، مقارنة مع حالة اختطاف
وقتل واحدة في العام الذي سبقه.
ويتحمل
الصحفيون العراقيون الوزر الأكبر لتلك الهجمات، إذ أصبح العمل الميداني أكثر خطورة
للصحفيين والمصورين الصحفيين الأجانب.
وكان الصحفي
الأمريكي المستقل، ستيفن فينسينت، هو الصحفي الأجنبي الوحيد الذي قتل في العراق
خلال العام 2005؛ بينما قتل خمسة صحفيين أجانب في السنة السابقة.
وقتل ثلاثة
صحفيين على الأقل جراء إطلاق رصاص من القوات الأمريكية، مقارنة مع ست حالات موت
كهذه خلال العام 2004. وقد أدى رصاص القوات الأمريكية إلى مقتل 13 صحفيا ما بين
آذار/مارس 2003 ونهاية العام 2005.
الفلبين ودول
أخرى بعد العراق …
المكان الثاني
الأشد فتكا للصحفيين خلال العام 2005 هو الفلبين، حيث قتل عدد مثير للقلق من
الصحفيين الإذاعيين الناقدين.
وقد وثقت لجنة
حماية الصحفيين أربع حالات قتل في الفلبين بانخفاض عن الرقم القياسي الذي بلغ في
العام 2004 ثمانية صحفيين. ووجد تحليل لجنة حماية الصحفيين أن هذا الانخفاض يعود
جزئيا لإجراءات وطنية أكثر حزما لفرض القانون.
وهناك ستة
بلدان حدثت في كل منها حالتي قتل خلال العام 2005. فقد قتل في حادثتي تفجير سيارة
منفصلتين الصحفيان اللبنانيان الشهيران سمير قصير وجبران تويني (وكلاهما معروف
بنقده الشديد للحكومة السورية ونفوذها في لبنان). كما تعرضت صحفية لبنانية ثالثة
لانفجار سيارتها مما أدى إلى بتر ساقها. البلدان الأخرى التي شهدت حالتي قتل هي
روسيا، وبنغلادش، وباكستان، وسريلانكا، والصومال.
وشهدت أمريكا
الجنوبية تحسنا ملحوظا إذ بلغ عدد الصحفيين القتلى فيها خلال العام 2005 أربعة
صحفيين بانخفاض عن العام السابق الذي شهد ثماني حالات قتل لصحفيين. ولكن يعزو
العديد من الصحفيين في المنطقة سبب هذا الانخفاض إلى ازدياد الرقابة الذاتية، وهي
ظاهرة وجدت لجنة حماية الصحفيين أنها منتشرة في كولمبيا والمكسيك.
وهناك صحفيان
اعتبرا في عداد المفقودين خلال العام 2005 – ألفريدو جيمينيز موتا في المكسيك،
وإلودين تيلاومبانوا في أندونيسيا.
ويمكن الاطلاع على معلومات حول الصحفيين
المفقودين على موقع الإنترنت:
http://www.cpj.org/Briefings/missing_list.html
وتعتبر لجنة
حماية الصحفيين أن الصحفي قد تعرض للقتل أثناء قيامه بعمله إذا توفى نتيجة لعمل
اعتدائي، بما في ذلك الانتقام بسبب عمل الصحفي؛ أو نتيجة للإصابة من نيران متقاطعة
أثناء تغطية النزاعات؛ أو في حالات التغطية الصحفية للأوضاع الخطرة مثل التظاهرات
العنيفة في الشوارع.
وما زالت لجنة
حماية الصحفيين تحقق في حالات 11 صحفيا آخراً قتلوا خلال العام 2005، كي تحدد ما
إذا كان مقتلهم مرتبط بعملهم. وقد جمع كادر لجنة حماية الصحفيين معلومات مفصلة حول
الصحفيين القتلى في كافة أنحاء العالم منذ العام 1992.
يذكر أن لجنة
حماية الصحفيين هي منظمة مستقلة، غير ربحية، مقرها في نيويورك، وتعمل على حماية
حرية الصحافة في العالم.
الصحافة في
النيجر "الاكثر مواجهة للمحن في 2005"
وقال المسؤول
في اتحاد مراسلي الصحافة المستقلة في النيجر عمر كيتا في خبر نشرته الفرنسية
للأنباء ان الصحافة في النيجر كانت "الاكثر تعرضا للمحن" في العام 2005
مع "اعتداءات" و"عقوبات قاسية بالسجن" ضد صحافيين محليين.
وقال كيتا في
حديث لعدد من الاذاعات الخاصة المحلية "ان العام 2005 كان الاكثر معاناة
بالنسبة للصحافة المحلية التي تعرض الكثير من العاملين فيها لعقوبات بالسجن
ولاعتداءات".
وقال رئيس
اتحاد مراسلي الصحافة المستقلة في النيجر الذي يمثل كل الصحافة الخاصة في هذا
البلد "ان القضاء النيجري مارس قبضته الثقيلة على العديد من زملائنا".
وذكر بانه بين
تشرين الاول/اكتوبر وكانون الاول/ديسمبر 2005 حكمت المحاكم على ثلاثة صحافيين على
الاقل بالسجن بتهمة "التشهير" بينهم حكمان نافذان واخر مع وقف التنفيذ.
وفي تشرين
الاول/اكتوبر حكمت النيابة في اغاديز (شمال) بالسجن ستة اشهر مع وقف التنفيذ على
مدير المجلة الشهرية الخاصة "ايكو-اكسبرس" عبد الله هارونة بتهمة
"التشهير" ضد حاكم المنطقة الذي اتهمه بسرقة مواد غذائية مخصصة للسكان
الذين يعانون من المجاعة.
وحكم على حمد
الصالح راليو المراسل المحلي لاذاعة فرانس انترناسيونال في اغاديز بالسجن ثمانية
اشهر مع وقف التنفيذ بتهمة التشهير بناء على شكوى من الحاكم نفسه وللاسباب نفسها.
وبعد ايام على
الاحتجاز الاحتياطي حكم على مدير المجلة الاسبوعية الخاصة في النيجر "لو
فيزيونير" ساليفو صومايلا عبد الكريم بالسجن شهرين مع النفاذ في مطلع كانون
الاول/ديسمبر "بتهمة التشهير" ضد وزارة الخزانة العامة في النيجر.
واعرب رئيس
اتحاد مراسلي الصحافة المستقلة في النيجر عن اسفه في هذا الاطار لان الحكومة لم تف
حتى الان بالوعد الذي اطلقته حول "وقف معاقبة جرائم الصحافة".
من جهة اخرى
تعرض صحافيون "اخيرا للاعتداء وهم يمارسون مهنتهم" كما اعلن كيتا.
فقد تعرض موسى
اكسر مدير اسبوعية "ليفانمان" لصفعة من نائب في المعارضة. وتعرض سليمان
محمد الذي يعمل لحساب تلفزيون "تينيريه" الخاص للضرب المبرح بيد حكم
رياضي.
من جهته علق
البرت شايبو مدير "الديموقراطي" احدى اهم المجلات الاسبوعية في النيجر
بالقول "قيود على الحريات وسجن الصحافيين: وضع لم يكن براقا بالنسبة الينا في
2005".
عبر العالم
…
وفي الصين
كانت هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي) وصوت الامل وراديو اسيا الحرة بين
محطات الاذاعة التي قامت الحكومة بالتشويش عليها.
وقالت منظمة
صحفيون بلا حدود ان الصين في مقدمة الدول التي بها أكبر عدد للصحفيين الذين وضعوا
في السجن ومن بين 15 دولة بها أكبر رقابة على شبكة الانترنت. كما اشار التقرير الى
ان تونس وايران من اكثر الدول التي تضع قيودا صارمة في مراقبة الانترنت.
لبنان وحالة
جديدة …
وشهد لبنان قتل اثنين من الصحافيين هما سمير
قصير وجبران تويني. واشار تقرير مراسلون بلا حدود الي ان صحافية ثالثة هي مي شدياق
نجت من هجوم بقنبلة علي سيارتها.
وزاد العنف ضد الصحافيين في افريقيا ولا سيما
في جمهورية الكونغو الديمقراطية وسيراليون والصومال.
وقالت منظمة صحافيون بلا حدود ان السلطات عرقلت
تحقيقا في وفاة صحافي من غامبيا.
وقال التقرير ان الرقابة ضد الصحافيين شهدت
زيادة حادة في العام الماضي. وتم الابلاغ عن 1006 حالات رقابة في نيبال حيث اعلنت
حالة الطواريء في شباط (فبراير) عندما عزل الملك جيانيندرا الحكومة وتولي السلطة.
وبغض النظر عن تضارب المعطيات في تقارير
المنظمات الدولية المعنية بتغطية أحوال الإعلام وحرياته المتعددة في التنقل
والتغطية والمساواة واحترام الرأي الآخر، إلا أن المراقبون يلاحظون تفاقماً في
التضييق ضد حرية الصحفيين بسبب النزاعات السياسية وأخرى المسلحة في العالم، وأن
العراق هو البلد الأكثر سوداوية في هذا الخصوص للعام الثاني على التوالي.