يسود لدى النواب الانطباع بأن الصحافة تحاربهم بدليل كثرة الانتقادات التي توجه لأداء المجلس وبعضها جارح، ويسود لدى الصحافة الانطباع بأن النواب يكرهون الصحافة ويرغبون في ضربها والانتقام منها بدليل فرضهم غرامة قدرها 5% على مجمل إيرادات الإعلان، وهي خطوة تعني مقتل الصحافة في المصدر الأول لتمويلها.
يبدو للمراقب من خارج المجلس النيابي والصحافة الأردنية أن هناك عداءً وكراهية متبادلة بين الطرفين لدرجة أن كل جانب يتساءل: لماذا يكرهوننا؟ وهو سؤال غير بنـّاء، ومن الأفضل أن يتساءل كل طرف عما يجب عمله للقيام بواجبه خير قيام بحيث يبدو النقد الظالم من الطرف الآخر ؟إن وجد- تعسفياً، والنقد البنـّاء مفيداً في تصحيح المسار.
في مقال هام للنائب المخضرم في جميع دورات المجلس منذ 1989 بسام حدادين محاولة جادة لتفسير كراهية الجمهور وليس الصحافة فقط لمجلس النواب الحالي، فأعطى سبعة أسباب قوية، كل منها يبرر النفور من المجلس (الغد 8/3/2009)، وكان يكفي سبب واحد من الأسباب التي ذكرها النائب المحترم وهو بالنص : ”كثرة الامتيازات المحقة وغير المحقة التي حصل عليها النواب في ظروف عامة صعبة على مختلف الصعد”. ولا داعي لتناول الأسباب الستة الباقية لأن هذا السبب يكفي ويزيد.
زميلنا خالد محادين لم يفعل سوى تسليط الضوء على أحد الأسباب التي ذكرها النائب حدادين بأسلوب قد يكون حاداً (لزوم اللهجة الصحفية المؤثرة)، وكان على النواب المحترمين أن يدرسوا الظاهرة التي تحدّث عنها زميلهم النائب وزميلنا الصحفي، وإن لزم الأمر أن يقوموا بحملة للتوضيح والتوعية والرد، وليس تحويل صاحب الرأي إلى القضاء ليكون عبرة لغيره.
هذه الظاهرة عامة، لا تقف عند مجلس النواب الأردني، ذلك أن استطلاعات الرأي تدل على أن شعبية الكونجرس (مجلس النواب الأميركي) قلما ترتفع فوق 24% وقد هبطت في منتصف عام 2008 إلى مستوى 16%، فالجهات المسؤولة من وزراء ونواب وشخصيات عامة معرضون للنقد وعليهم واجب التحمل بصدور رحبة. وعلى من لا يطيق النقد أن لا يتصدى لمواقع المسؤولية العامة.