بدأت أول صحيفة سياسية خاصة في سورية
بالصدور، وهي صحيفة تحمل اسم "الوطن الجديد". ورغم وصف الصحيفة بأنها
خاصة، إلا أن العدد الأول منها، والذي صدر اليوم الأحد؛ كان مليئاً بصور الرئيس
السوري بشار الأسد.
وقال ناشر ورئيس تحرير وضاح عبد ربه:
"لا توجد صحافة في سورية تعكس ارادة الناس فالمناخ الاعلامي يحتاج الى صحافة
خاصة برأي اخر وخطاب جديد".
وقال عبد ربه في افتتاحية العدد الاول
للصحيفة: "الحلم أصبح حقيقة وأصبح هناك في سورية الآن صحافة يومية سياسية
مستقلة". ورأى عبد ربه أن جريدته ستنجح لأنها ستكون مدعومة برأس مال كاف
وتلتزم خطاً سياسيا معتدلا.
وقال رئيس تحرير الصحيفة: "اننا اول
صحيفة يومية سياسية خاصة تنطلق لتكون منبرا جديدا للوطن وللمواطن".
واضاف ردا على كثير من الاستفسارات:
"ننوه بأننا لسنا صحيفة معارضة كما اننا لسنا صحيفة موالاة لا ننتمي الى تيار
ولا نعبر عن حزب ولا نقف مع دولة ضد اخرى. نقول وبصراحة مطلقة اننا مستقلون بكل ما
ننشره لا سلطة علينا الا سلطة القانون وسلطة الوطن".
وامتلأت الجريدة التي صدرت بالقياس
الكلاسيكي من 16 صفحة بصور للرئيس بشار الاسد الذي اقام حفل استقبال في دمشق
القديمة ترحيبا بمشاركين في مؤتمر مالي. وتوسط الصفحة الاولى صورة لطلاب
اسرائيليين يطالبون بإحياء مفاوضات سلام مع سورية.
وخصصت الصحيفة صفحتها الاولى لوزيري
الاعلام محسن بلال والاقتصاد عامر لطفي اثناء زيارتهما لمقرها ولأنباء رياضية
واخرى عن العراق ولبنان.
واظهر رسم كاريكاتوري رئيس الوزراء
اللبناني فؤاد السنيورة وهو جالس في حضن الرئيس الأمريكي جورج بوش ويقول
"نطالب سورية وايران بالكف عن التدخل في الشأن اللبناني".
وأبدى صحفيون وناشرون شكوكهم في قدرة
الصحيفة على أن تكون مستقلة بسبب حساسية السلطة السورية للانتقاد خصوصا مع
تزايد الضغوطات الاجنبية على الحكومة لفتح النظام السياسي وتغيير سياستها
الخارجية.
وقال ناشر سوري رفض الافصاح عن اسمه لوكالة
رويترز: "يوجد سقف للمدى الذي يمكن أن يصل له الانتقاد في سورية".
وكانت الحكومة قد أغلقت عدة صحف صدرت في
السنوات الماضية منها جريدة الدومري لفنان الكاريكاتير البارز علي فرزات وصحيفة
المضحك والمبكي الساخرة.
ويرأس وضاح الشركة العربية السورية للنشر
والتوزيع التي تصدر أيضا صحيفة الاقتصادية الاسبوعية المتخصصة والتي بدأت بالصدور
بإذن خاص من الحكومة عام 2001 قبل صدور قانون المطبوعات الذي سمح بصحافة غير
حكومية مشترطا الحصول على ترخيص بذلك.
وبالرغم من مرور ما يقارب خمس أعوام على
صدور هذا القانون بقيت الساحة الصحفية السورية خالية من أي صحيفة سياسية خاصة.
وقال الصحفي السوري البارز جوني عبو:
"سورية باتت بحاجة ملحة لإعلام حقيقي وموضوعي بعيدا عن الاعلام الرسمي الذي
لا يعرف سوى لغة الخشب.. ويفترض أن تخرج صحيفة سياسية يومية تكون جديرة بالقراءة
وإلا فإن هناك مشكلة حقيقية في صناعة القرار الاعلامي الذي هو في الاساس احد ثمار
القرار السياسي العالي".
ووصلت حصيلة المنشورات الخاصة منذ اصدار
القانون الاخير الى ما يقارب الثمانين منها مجلة أبيض واسود السياسية والتي يملكها
بلال تركماني، نجل وزير الدفاع حسن تركماني، وعدد من الصحف والمجلات الاقتصادية.
وكانت بدأت بالصدور في اب/ أغسطس جريدة
بلدنا المتنوعة والتي تملكها المجموعة المتحدة للاعلام وهي من أكبر اللاعبين في
السوق المحلي؛ بالقطع الصغير الخاص بالصحف الشعبية والرائج في دول غربية وخصوصا
انجلترا.
وقال جورج حاجوج سكرتير التحرير:
"سورية بحاجة الى جريدة سارة ومفرحة تعتمد على الديناميكية والحيوية والحركة
مستفيدة من اللغة البصرية القوية.. لهذا قررنا اصدار صحيفة لكل العائلة تعتمد على
المقالة الصغيرة والمعلومة الخفيفة بعيدا عن المواد المعقدة والطويلة".
وتتخذ كل من صحيفة الوطن الجديد وصحيفة
بلدنا الى جانب العديد من وسائل الاعلام الخاصة والتي أنشئت في الاونة الاخيرة من
منطقة حرة في دمشق مقرا، وذلك لقلة التعقيدات القانونية والادارية الحكومية هناك.
وكانت الصحافة السورية الخاصة رائدة في
الوطن العربي ولكنها توقفت تماما عن العمل بعد وصول حزب البعث الى السلطة في
انقلاب عام 1963 حيث حصرت حقوق النشر والعمل الصحفي بالجهات الرسمية وبالحزب
الحاكم. وجميع الصحف السياسية إما أنها ناطقة بلسان حزب البعث الحاكم او
الاحزاب السياسية الداعمة له.