
تلقى مركز حماية وحرية الصحفيين نسخة من المذكرة التي رفعها الكاتب الصحفي شاكر الجوهري إلى رئيس المجلس الأعلى للإعلام معالي الأستاذ ابراهيم عز الدين، بخصوص توقيفه وتعرضه للحبس بتاريخ 6/12/2004.
وفيما يلي نص المذكرة التي أرسل الجوهري نسخاً منها بالإضافة إلى المركز لكل من وزير العدل ونقيب الصحفيين الأردنيين:
18/12/2004
معالي الأستاذ ابراهيم عز الدين المحترم
رئيس المجلس الأعلى للإعلام/ عمان
تحية طيبة وبعد،
أود في البداية أن اتوجه لشخصكم الكريم بكل الشكر والتقدير للجهود الكريمة التي بذلتموها خلال فترة حبسي في سجن الجويدة، بالطريقة، وللأسباب التي سأشرحها لاحقا..
كل الشكر والتقدير كذلك للزميل الأستاذ طارق المومني عضو المجلس/ نقيب الصحفيين، والأستاذ المحامي عبد الرزاق أبو العثم عضو المجلس، والزميل الأستاذ أحمد الدباس عضو مجلس نقابة الصحفيين، ولكل الأساتذة والزملاء الكرام الذين وقفوا معي وناصروا الحريات الصحفية في هذه المرة، كما هو حالهم على الدوام.
وإنه ليسرني أن اخاطبكم الآن فيما تتواصل جهودكم، وتقترب من إنجاز واحد من أهم المكاسب التشريعية المتعلقة برفع سقف الحريات الصحفية في الأردن، وتمكين وتكريس السلطة الرقابية للصحافة على أداء جميع السلطات الأخرى ما دمنا مقرين بها كسلطة رابعة، وذلك بمشاركة الزملاء والأساتذة الكرام أعضاء المجلس الأعلى للإعلام، راجيا أن يسعفنا جميعا الوقت، والتجاوب المأمول من قبل الحكومة ومجلس النواب، من أجل اضافة تعديلات غاية في الأهمية على مشاريع رزمة القوانين الناظمة للعملية الإعلامية، تبينت ضرورتها مؤخرا من خلال تجربتي العملية التي قادتني إلى سجن الجويدة.
ولسوء الحظ أنه فيما تتواصل هذه الجهود الخيرة، فإنه تتواصل كذلك قرارات وتصرفات واجراءات تدفع بمؤشر الحريات الصحفية في الأردن للإنخفاض، ومن ذلك تواصل احالتي إلى القضاء لمحاكمتي عن مقال انتقد اجراءات لا أشك للحظة واحدة في أنها معنية بمطالبات جلالة الملك، وتكليفاته المتكررة لحكومات متعاقبة بإصلاح القضاء.
إن من أهم التعديلات التي تؤشر إليها التجربة التي مررت بها، ولا اتمناها لأي زميل من حملة الأقلام، ويفترض بذل كل الجهود لإقرارها، مستفيدين من وجود معالي الدكتور صلاح الدين البشير، وهو الرجل الليبرالي المتفتح، والمتحمس للإصلاح، على رأس وزارة العدل هي:
أولا: ضرورة تضمين قانون المطبوعات الجديد ثلاثة نصوص صريحة تقضي بما يلي:
1- حظر توقيف الصحفي أثناء عملية التقاضي، بدءا من لحظة مثوله امام المدعي العام، وحتى لحظة صدور حكم بإدانته، في حال صدور مثل هذا الحكم. واقتصار الأحكام فقط على الغرامات المالية المعقولة.. ذلك أنه ليس معقولا في أردن المستقبل الذي نصبوا إليه جميعا، أن يتم اعتقال أو توقيف، أو حبس صحفي أو كاتب صحفي بسبب آرائه، مهما كانت هذه الآراء، خاصة حين تطرح هذه الآراء في معرض ممارسة السلطة الرقابية للصحافة.. ذلك أننا في أردن الغد الذي نصبوا إليه جميعا، نريد للحجة أن تقارع الحجة دون أية مؤثرات ضاغطة، وبما يكرس السلطة الرقابية للصحافة والإعلام.
2- حصر محاكمة أي صحفي أو كاتب صحفي بموجب القوانين الناظمة للعملية الإعلامية، وحظر تطبيق مواد قانونية واردة في قوانين أخرى على أي صحفي أو كاتب صحفي في حال احالته للقضاء جراء أي مادة صحفية يكون قد اعدها أو نشرها، سواء أكانت خبرا، أو تقريرا، أو تحليلا، أو مقالا، أو تحقيقا..الخ..
3- حظر اقامة الدعاوى من قبل الحق العام في قضايا المطبوعات والنشر المتعلقة بممارسة الصحفي لدوره الرقابي، وخاصة حين يتعلق الأمر بأشخاص كبار المسؤلين مثل شخص رئيس الوزراء والوزراء وما دونهم، الذين يستطيعون اقامة الدعاوى بأنفسهم في حالة ارتأوا ذلك.
ثانيا: وبالتناوب، حظر تطبيق أي عقوبة على أي صحفي أو كاتب صحفي تكون قد صدرت بحقه جراء نشره مادة صحفية من المواد المذكورة في (أولا/2)، أو غيرها، قبل اكتسابها الصفة القطعية، ومرورها بجميع مراحل التقاضي، وصولا إلى محكمة الإستئناف أو التمييز.
ثالثا: الغاء أو حظر تطبيق جميع المواد الواردة في قوانين أخرى، والمتعلقة بالمطبوعات والنشر، وخاصة الواردة في قانوني العقوبات رقم 16 لسنة 1960، وانتهاك حرمة المحاكم رقم 9 لسنة 1959 على أي صحفي أو كاتب صحفي فيما يتعلق بقيامه بمهمته الصحفية وبدوره الرقابي المعترف به.
رابعا: حظر المباشرة في محاكمة أي صحفي أو كاتب صحفي قبل أن يتم تبليغه بشكل مباشر بالدعوى المقامة عليه. ولأن عنوان الصحفي أو الكاتب الصحفي معروف وغير مجهول، لا يجوز تبليغه بأي دعوى أو اجراء قضائي بواسطة لوحة الإعلانات في المحكمة أو بواسطة الجريدة الرسمية، أو عبر النشر في الصحف، وذلك حفاظا على كرامته الشخصية والمهنية، ومراعاة لأصل إجراء التبليغ القضائي المتعارف عليه.
خامسا: حظر حجز حرية، أو جلب أي صحفي أو كاتب صحفي لإلزامه بتنفيذ احكام صادرة بحقه بدفع غرامات، أو استحقاقات مالية لخزينة الدولة إن كان غير مبلّغ بشكل مباشر بالإجراء المتخذ، والقرار الصادر بموجب هذا الإجراء.
أما ما تعرضت له، وقادني إلى هذه الاستخلاصات، فيمكن ايجازه فيما يلي:
أولا: بتاريخ 14/11/2004 المصادف أول أيام عيد الفطر، تم توقيفي في مركز حدود الرمثا، حيث كنت أعتزم المغادرة إلى سوريا للإلتقاء مع زملاء صحفيين من لبنان بهدف الإتفاق على عمل مشترك، وذلك بموجب مذكرة جلب صادرة من مدعي عام عمان، لا تذكر سبب قرار الجلب. وتمت احالتي إلى مركز أمن الرمثا، حيث أبلغت من قبل العقيد جمال البدور نائب رئيس المركز أن الإجراء المفترض اتخاذه بحقي هو توقيفي في نظارة المركز وانتظار قدوم سيارة سجون من مديرية التنفيذ القضائي بعد انتهاء عطلة العيد لتأخذني إلى المديرية المطلوب لها. لكن العقيد البدور سمح لي بالتوجه بواسطة سيارتي الخاصة ومعي أحد مراتب شرطة المركز إلى مديرية التنفيذ القضائي في عمان، حيث أبلغت أن مدعي عام عمان أصدر مذكرة جلب بحقي لأخذ افادتي بشأن حادث صدم، دون تحديد زمان أو مكان وقوع هذا الحادث، وما إن كنت مطلوبا باعتباري شاهدا أو مذنبا.. وقد تم تكفيلي بعد خمس ساعات ونصف الساعة من لحظة توقيفي في مركز حدود الرمثا.
ثانيا: توجهت صباح الاربعاء الموافق 17/11/2004 إلى مديرية التنفيذ القضائي في عمان، وكان ذلك أول يوم دوام بعد عطلة العيد، فتمت احالتي إلى قلم التنفيذ القضائي في قصر العدل القديم، حيث ابلغني أحد الموظفين أنني مطلوب من أجل دفع غرامة مقدارها عشرون دينارا جراء ارتكابي حادث سير عام 1999.
وبعد طلبي ملف ذلك الحادث تبين أنني كنت وشريكي فيه قد ابلغنا القاضي لدى مثولنا أمامه أننا متصالحان، فأعاد الينا هويتينا وسمح لنا بالمغادرة دون أن يبلغنا بأي قرار بدفع أي غرامة.
ولدى سؤالي المدعي العام أثناء توقيعه على “كف الطلب” الذي حصلت عليه كيف يتم اصدار أمر جلب لسبب من هذا القبيل، علما أنه كان بالإمكان الطلب من مركز الحدود تحصيل قيمة الغرامة مني، أو اضافتها إلى كشف المخالفات المرورية لتدفع لدى تجديد رخصة سيارتي، اجابني بأنه ترفع إليه خلاصات الأحكام دون تفاصيل، وأنه يتم توقيع قرارات الجلب دون معرفة السبب.
ثالثا: نشرت بتاريخ 1/12/2004 مقالا في اسبوعية “الشاهد” تحت عنوان “يحدث في الأردن فقط” شرحت فيه تفاصيل ما تعرضت له، وانتقدت الإجراءات الخاطئة التي أدت إلى تعطيل سفري والإساءة إلى سمعتي، فكان أن طلبت في اليوم التالي من قبل مدعي عام عمان هاتفيا للمثول أمامه. ولما ابلغته أنني في طريقي إلى دمشق ابلغني بدوره أنني محكوم بالسجن لثلاثة أشهر في عام 2000 لإدانتي على مقال سبق أن نشرته في جريدة “العرب اليوم”، التي كنت رئيسا لتحريرها. ومع أننا اتفقنا على أن اراجعه بعد عودتي من دمشق، عدت من منتصف الطريق إلى قصر العدل برفقة محامي الجريدة الأستاذ أحمد العمري الذي قام بالسؤال عن القضية المحكوم بها كي نقوم باستئنافها، الا أننا ابلغنا بعدم وجود أي قضية أو أي حكم بحقي مطلقا. وقد أكد لنا ذلك المقدم محمد العطيات في مديرية التنفيذ القضائي.
رابعا: توجهت صباح الإثنين الموافق 6/12/2004 إلى مدعي عام عمان صبر الرواشدة الذي كان قد اتصل بي هاتفيا، وبصحبتي الزميلة نظيرة السيد رئيسة تحرير “الشاهد”، حيث استقبلنا بترحاب وطلب لنا القهوة، ثم طلب منا الإنتظار في مكتب مجاور، بقينا فيه منذ قرابة الحادية عشرة صباحا حتى الثانية بعد الظهر، حيث طلبت الزميلة رئيسة التحرير إلى المدعي العام طارق الشقيرات، وبعدها بأكثر من نصف ساعة تم طلبي حيث افهمت التهم الموجهة لي وهي:
1- مخالفة المادتين 5،7 من قانون المطبوعات.
2- مخالفة المادة 191 من قانون العقوبات (عقوبتها من ثلاثة أشهر إلى سنتين).
3- مخالفة المادة 15 من قانون انتهاك حرمة المحاكم (عقوبتها لا تزيد عن سنة). وابلغت بإمكانية طلب محامي لحضور استجوابي، فكان أن طلبت الأستاذ رائد عبد الرزاق أبو العثم، ووقعت له وكالة، ثم أجبت على الأسئلة التي وجهت لي، وذلك بحضور الزميل الأستاذ أحمد الدباس عضو مجلس نقابة الصحفيين، الذي حضر فور أن طلب منه الزميل الأستاذ طارق المومني نقيب الصحفيين ذلك. وبعدها قرر المدعي العام تركي أنا والزميلة نظيرة السيد حرين طليقين.
غير أنني لدى مغادرتي مكتب المدعي العام، وجدت ضابطا برتبة ملازم ثان وشرطي من مديرية التنفيذ القضائي بانتظاري، وطلبا مني مرافقتهما لتنفيذ قرار حبس صادر بحقي عن مقال نشرته في “العرب اليوم” عام 1999، وحوكمت عنه وصدر الحكم بحقي غيابيا عام 2000. وهو الحكم الذي لم أبلغ به لدى السؤال عنه في مديرية التنفيذ القضائي. وابلغني الضابط أنه كان بانتظاري منذ الصباح، مفقدا إياي فرصة استئناف الحكم قبل انتهاء الدوام في قصر العدل. ولاحقا علمت أن مديرية التنفيذ القضائي اتخذت هذا الإجراء بموجب مذكرة صادرة عن مدعي عام عمان صبر الرواشدة.
وهكذا امضيت ليلة ونهار اليوم التالي في سجن الجويدة، إلى أن استصدر وكيلي قرارا بالإفراج عني بعد دفع البدل النقدي، وهو الإجراء الذي استغرق طوال دوام اليوم التالي، ووقع القاضي على قرار الإفراج قبيل انتهاء الدوام ببضعة دقائق.
إن التفاصيل الواردة اعلاه تؤدي إلى استخلاصات واحدة لا تحتمل أي نقاش أو جدل. وأترك الأمور بين ايديكم الآمنة كما هي، مؤكدا هنا على مسألة واحدة، أنني هنا لا أتقدم بشكوى بحق أحد بعينه، ولكنني أرجو الإستفادة من هذه التجربة لإغلاق كل ثغرة قد تقود أي زميل آخر إلى تجربة مماثلة.
وتفضلوا بقبول فائق التقدير والإحترام،،،
الكاتب الصحفي
شاكر الجوهري
ـ نسخة إلى معالي وزير العدل المحترم.
ـ نسخة إلى عطوفة نقيب الصحفيين المحترم.
ـ نسخة إلى سعادة مدير مركز حماية وحرية الصحفيين المحترم.