قالت الجمعية الاردنية لحقوق الانسان ان مشروع قانون الصحافة والنشر خطوة كبيرة الى الامام معتبرة في الوقت ذاته ان انتهاك الحريات الصحفية وفرض القيود عليها لم يتوقفا.
واضافت الجمعية في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والتعبير الذي يصادف اليوم،، ان بعض الآمال انتعشت باحداث نقلة نوعية في ممارسة حرية الصحافة والتعبير والحق في تداول المعلومات.
وقد استندت هذه الآمال الى خطوة الغاء وزارة الاعلام في التشكيل الحكومي الاخير والى اصدار المجلس الاعلى للاعلام لتعليمات «التحقق من اتاحة حرية التعبير» والتعليمات الخاصة بالشكاوى، والى تحسن البرامج الحوارية في الاذاعة والتلفزيون والى قرب افتتاح مركز التدريب الصحفي، واخيرا الى طرح الحكومة لمشروع قانون الصحافة والنشر والذي يتضمن نصوصا جديدة هامة من المفترض انها ستعزز حرية الصحافة والتعبير والحق في تداول المعلومات.
واوضح البيان ان تلك الآمال تراجعت امام استمرار الرقابة المسبقة وحجب المعلومات عن المواطنين واصرار الحكومة على اقرار قانون للاجتماعات العامة، وقد وافقها مجلس الامة على ذلك في شباط الماضي، في حين رفضته اغلبية منظمات المجتمع المدني، خاصة منظمات حقوق الانسان، ومن بين اسباب تراجع الامال ايضا وفق بيان الجمعية «رد مجلس النواب لمشروع قانون المجلس الاعلى للاعلام منتصف اذار الماضي. كما ان القانون المؤقت للمسموع والمرئي، والذي صدر في 29/10/2002 لا يزال يفرض ايضا قيودا على حرية التعبير والاعلام فالفقرة (ب) من المادة 18 منه تعطي الحق لمجلس الوزراء بان يرفض منح ترخيص البث لاية جهة دون ابداء الاسباب، اي دون منح حق الطعن بقرار مجلس الوزراء امام القضاء. اما المادة (20) من القانون فهي تشترط «التزام المرخص له بعدم بث او اعادة بث كل ما يمكن ان يسبب التفرقة الطائفية او العنصرية او كل ما يهدد الوحدة الوطنية او ما يحرض على الارهاب او التفرقة العنصرية او الدينية او يلحق الاضرار بعلاقات المملكة مع الدول الاخرى» وهي تذكر بالشروط التي كانت تحرص عليها قوانين المطبوعات والنشر في طبعاتها المختلفة.
واكدت الجمعية ان الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان حددت قيدين فقط من المسموح فرضهما على حرية الصحافة والتعبير وهما يتعلقان بالامور المرتبطة بالامن الوطني والاخلاق العامة. وفيما عدا هذين الشرطين فان اية تقييدات على حرية الصحافة تعتبر انتهاكا لهذه الحرية.
وقالت ان القائمين على هيئة المسموع والمرئي يبدون «تفاؤلا» بان لا يقع اي تجاوز على القانون. والواقع ان تفاؤلهم في محله تماما، فامام القيود والعقوبات الواردة في القانون (وبعضها يصل الى غرامة خمسة الاف دينار – المادة 28) فان اي مستثمر في المرئي والمسموع، خاصة عندما ينفق مئات الالاف -وربما الملايين- من الدنانير على مشروعه سوف لن يتجرأ على مخالفة القانون حرصا على مصالحه، وبالتالي فان محطات الاذاعة والتلفزة الخاصة التي «ترخص ستكون غالبا متخصصة في مجالات «لا تجلب المتاعب» كالاغاني والموسيقى او الرياضة واستبعدت الجمعية ان يفضي تطبيق القانون الى ميلاد تعددية فكرية – سياسية في المجال المرئي والمسموع.
وثمنت الجمعية الاردنية لحقوق الانسان الجهود التي يقوم بها المجلس الاعلى للاعلام من اجل تطوير الممارسة الصحفية وتوسيع اطار الحرية الصحفية. مؤكدة ضرورة القيام بخطوات سياسية وتشريعية كبيرة من اجل «الوصول الى السماء» كسقف اعلى منشود لممارسة الحق في حرية الصحافة والتعبير والحق في تداول المعلومات. مشيرة الى انه لا يزال هناك عشرون قانونا تتعرض للموضوعات الصحفية ويحتاج العديد منها الى تعديل واعادة نظر، كقانون حفظ اسرار الدولة والوثائق وقانون العقوبات وقانون محكمة امن الدولة.
وقالت انه بالامكان اتخاذ قرارات عديدة ستساعد في تطوير وتقدم الحرية الصحفية – مثل الغاء الرقابة المسبقة وتمكين التلفزيون ومؤسسات الدولة الاعلامية الاخرى من ممارسة عملها بعيدا عن الهيمنة المطلقة للحكومة، واعطاء كبار المسؤولين الاولوية لوسائل الاعلام الاردنية عند الادلاء بتصريحات هامة، والاسراع في انصاف صحفيي وموظفي جريدة «الاسواق» وتجاوب المسؤولين مع ما تنشره الصحافة من معلومات ووقائع تتعلق بالفساد والبيروقراطية والترهل الاداري، والعمل على وقف نزيف هجرة الاعلاميين الاكفاء الى الخارج.
وقال بيان الجمعية ان اليوم العالمي لحرية الصحافة والتعبير يمر هذه السنة في ظل اوضاع وتطورات تؤكد تراجع هذه الحرية على نطاق واسع بالرغم من التطور التكنولوجي الكبير لوسائل الاتصال والاعلام وسرعة تدفق المعلومات. اخطر من ذلك، تحولت بعض وسائل الاعلام على المستوي العالمي من وسائل للكشف عن الحقائق وجمع المعلومات عنها وبثها لاطلاع الرأي العام عليها الى وسائل لاخفاء هذه الحقائق بل والتعتيم عليها، خدمة لاهداف سياسية غير مشروعة، وقد اتضح ذلك بصورة جلية الان، بعد مضي عام على الحرب العدوانية ضد العراق. ولقد اكدت التقارير التي نشرت مؤخرا بان كبرى وسائل الاعلام الاميركية كانت تروج الادعاءات و«المعلومات» عن «اسلحة الدمار الشامل» في العراق دون اي حس نقدي ودون الاهتمام بالبحث عن الحقائق من مصادر اخرى غير مصادر القيادة السياسية والعسكرية الاميركية. وبذلك كانت وسائل الاعلام تعبىء الرأي العام الاميركي لتأييد الحرب على العراق، هذه الحرب التي اصبح العديد من الصحفيين والكتاب والسياسيين الاميركيين وغير الاميركيين -بل وقطاعات واسعة من الرأي العام- يعترفون بانه لم تكن مبررة، واليوم، بالرغم من انكشاف الاكاذيب حول الاسلحة المزعومة تواصل معظم وسائل الاعلام الاميركية اخفاء الحقائق عن الرأي العام الاميركي المتمثلة بالاعداد الكبيرة من الجنود الاميركيين، من القتلى والجرحى، الذين يسقطون يوميا على يد المقاومة الوطنية العراقية، وتحاول تقديم ما يجري على انه «ارهاب» و«اعمال عنف» وليس كما هو على حقيقته، مقاومة وطنية ضد احتلال اجنبي، وفي بعض الاحيان، من الطبيعي ان تستفز جرائم الاحتلال الاكثر بشاعة، مثل تعذيب معتقلين بصورة وحشية، ضمائر بعض وسائل الاعلام فتكشف بعض الحقائق عنها، كما جرى مؤخرا، ولقد باتت الحاجة ماسة على الصعيد العالمي لانشاء مرصد عالمي للدفاع عن حرية الصحافة والرأي والتعبير وللانذار المبكر عن حالات التضليل الاعلامي، ومن المفترض ان يبادر للقيام بهذه الخطوة الصحفيون الاحرار المخلصون لمبادىء المهنة وممثلون عن مواطني العالم الذي يشعر قسم هام منهم بانهم ضحايا لتضليل اعلامي واسع يحجب عنهم حقائق كثيرة تتعلق بما يجري في العالم وبما يمس حياتهم.