اثبت الواقع أن طبيعة التغطية الإعلامية لما يجري من حروب ونزاعات عدم حيادية الإعلام الغربي، بما يخص الأزمات العربية، ولعل ما حدث من عدوان مؤخرا على غزة يؤكد عدم حيادية هذا الإعلام، وبالتالي عدم احترامه الحق في تداول المعلومات، سواء في نقل الأخبار والمعلومات أو في طريقة معالجتها، ودورها في تشكيل وصناعة الرأي العام.
وربما ينطبق الأمر كذلك على بعض الفضائيات والصحف العربية التي تناولت قضية العدوان الإسرائيلي على غزة في لغة تساوي بين الجلاد والضحية، وبما أن الإعلام الغربي يؤثر بصورة فعالة على كثير من القيادات السياسية في العالم، فلا شك أن لهذا أثراً على القرارات التي تصدر عنها.
فالمتتبع لمصادر الأخبار الغربية وطرق صياغتها وأساليب إيصالها للمواطن في العالم يرى الكثير من التجاوزات في المصداقية، وكثرت في الآونة الأخيرة الدلائل على المحاولات المتعمدة للإعلام الغربي لإعادة صياغة وتفسير وتشويه المواقف السياسية بما يخدم أهداف قوى الضغط وأصحاب المصالح السياسية على وسائل الإعلام الغربي وعلى رأسها اللوبي الصهيوني.
أهم مشكلات الإعلام فيما يتعلق بالشؤون الخارجية تكمن في السيطرة الأحادية للوبي الموالي لإسرائيل على مختلف وسائل الإعلام الغربية، والتي تسعى دائماً إلى تعتيم الحقائق وإخفائها بصورة شبه كاملة عن المواطن الغربي، فيما يتعلق بالقضايا التي تهم هذه الفئة. كما أن وصول نفس الرسالة الإعلامية من خلال عدد من الوسائل الإعلامية المختلفة، ومن خلال شخصيات ومؤسسات تظهر في الواقع وكأنه لا يوجد بينها أي رابط يعطي المتلقي إحساسا زائفا بصدق الرسالة الإعلامية.
وهناك سبب آخر لتفسير هذا التباين في المواقف، وهو أن اللوبي الصهيوني يمكن أن يكون له أكثر من موقف حيال نفس القضية. وقد يكون لاختلاف الآراء داخل التيار اليهودي في الغرب أثر على بعض المواقف الإعلامية. ولكنها في النهاية مجموعة آراء تهدف إلى خدمة فئة بعينها ولا تعبر بالضرورة عن تباين الرأي العام الغربي، ولكنها تحاول تشكيله ليبقي في كل أحواله داخل منطقة خدمة المصالح الصهيونية.
فما حدث في غزة يؤكد أن الإعلام الغربي كان شريكا في الجريمة إذ لم توفد أية مؤسسة إعلامية غربية مراسلا إلى داخل قطاع غزة، والحجة التي تقدمها تلك المؤسسات الإعلامية أن قوات الاحتلال لم تسمح لها بدخول غزة، مما يستدعي القول أن ثمة تنسيقا مسبقا بين الاحتلال واهم الوسائل الإعلامية الغربية، للتغطية على المجازر التي خططت لها دولة الاحتلال، لتبقيَ الرأي العام الغربي يستمع ويرى فقط وجهة النظر الإسرائيلية التي تقدم نفسها على أنها الضحية!