اكد الخبراء العرب والاجانب المشاركون في مؤتمر الاعلام العربي في عصر المعلومات علي ضرورة احداث تغيير جذري في أداء الإعلام العربي لمواجهة تحديات عصر المعرفة، بعدما تحول الي إعلام دعائي للحكومات.
ولاحظ الخبراء في المؤتمر الذي ينظمه مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ويختتم اعماله اليوم الثلاثاء ان الاعلام العربي ضل الطريق ودخل في سباق محموم في بث مشاهد الجنس والجريمة للتأثير المباشر خاصة علي شريحة الشباب ليتحول الأمر من مقولة ديكارت أنا أفكر إذاً أنا موجود الي القول أنا أنفعل إذاً أنا موجود .
وأكد وزير التربية والتعليم السابق في مملكة البحرين الدكتور علي فخرو ان التربية والتعليم معنيان بإنتاج المعرفة في حين ان الإعلام معني بنشر المعرفة وإدخالها في نسيج المجتمع، لذا فإن عملها مكمل لبعضها بعضا، مشيرا الي أن كلا الحقلين يواجه الصعوبات نفسها، فالمعرفة تحتاج الي معلومات والمعلومات شحيحة بسبب التكتم، والإبقاء عليها حبيسة الأدراج، وفي حالة الحصول عليها يصعب نشرها إما لقوانين جامدة او أوامر سلطوية بعدم النشر.
وطالب بضرورة وجود جهات خاصة للتنسيق بين الحقلين لإعداد جيل من الشباب قادر علي مواجهة تلك المواد الإعلامية التي تحاكي الحس والتي تأتينا من الغرب.
كما تناولت الدكتورة مي الخاجة الاستاذ المساعد في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الإمارات في ورقتها تأثير وسائل الإعلام في التعليم: الواقع والطموح بعدين مترابطين ومتكاملين، أولهما البعد النظري عبر موضوعات عدة من أجل التوصل الي الإجابة عن تساؤلات رئيسية عدة، تدور حول أهم مشكلات التعليم في العالم العربي وماهية العلاقة بين الاتصال والتعليم والتربية، وضرورات التعليم من خلال الوسائل الإعلامية وأهمية التعليم المباشر، ودور وسائل الإعلام في تحقيق الأهداف التربوية.
وأشارت الي أن البعد النظري يوضح ويعرف مفهوم تقنيات التعليم وأهدافه، ويبرز دور تقنيات التعليم في المنهج والتدريس، بالإضافة الي الحديث عن مجموعة وسائل الاتصال المستخدمة في العملية التربوية وأسس اختيارها، وأهمية الوسائط التعليمية في عملية التعلم والتعليم، فضلا عن المهمات التي تؤديها الوسائل التعليمية في العملية التربوية.
أما البعد الثاني، كما تناولته ورقة مي الخاجة، فهو البعد العلمي التطبيقي وهو يتكامل مع الجانب النظري، وهذا الجانب التطبيقي يتناول تقنيات التعليم وتأثيراتها في العملية التعليمية، مشيرة الي انه قد تم تطبيق الدراسة بأسلوب الحصر الشامل علي جميع اعضاء الهيئة التدريسية في كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة الامارات، ومن الاسباب التي دفعت الي اختيار هذه الكلية دون غيرها من الكليات ـ كما اشارت ـ هو قدمها مقارنة ببقية الكليات في الجامعة، كما انها تتبني حاليا رؤية تعليمية حديثة معتمدة في ذلك اعتمادا شبه كلي علي تقنيات التعليم المتطورة وعلي فلسفة تعليمية اساسها التعلم الذاتي وتفرد التعليم.
وتطرق الدكتور علي قاسم الشعيبي الخبير الاعلامي الاماراتي في ورقته دور وسائل الإعلام العربية بين التربية والترفيه الي الوضع الذي يعيشه الاعلام العربي في الوقت الحالي والذي سيقود الي كارثة اخلاقية محققة، وتكاد بوادر تلك الكارثة تطرق ابواب كل بيت، وتصيب بآثارها كل شاب وشابة لنصحو فيما بعد علي واقع مرير.
وأكد الشعيبي ان ثورة المعلومات وتوافر قدرات جديدة للبث الإذاعي والتلفزيوني كفيلة بإحداث نقلات نوعية في قيم العمل الاعلامي الاذاعي والتلفزيوني، واعتماد معايير جديدة للنظر الي هذا النوع من الإعلام نظرة فيها الكثير من التقدير.
وأضاف ان التشابك بين الترفيه والثقافة لا يمكن أن يمنح صناع الرسالة الإعلامية كل هذا الحق في امتهان عقلية المتلقي وتحويله الي إنسان مجرد من الإرادة، تمارس عليه كل انواع التجارب إما لترغيبه وإما لترهيبه، ومن ثم تحويله الي كائن مستسلم للرسالة الإعلامية يتلقاها من دون مناقشة ويخضع لتوجهاتها دون إعمال العقل، وينصاع لها بكامل إرادته.
كما أكد انه لا يمكن ان يكون الترفيه علي حساب الثقافة ولا يمكن أن يلغي عقل المتلقي وضميره، ولكن إذا استمر النهج علي ما هو عليه من المتاجرة بفكرة الترفيه والاسفاف في طرحها فإن آثاراً جد خطيرة ستحدق بالمتلقي العربي.
وفي مداخلته اكد عبد الرحمن الراشد مدير عام قناة العربية ان هناك فرقاً كبيراً بين ما يقال وما ينقل علي الشاشات العربية، لذا يجب ان تكون هناك مواثيق شرف للمهنة تلتزم بها الفضائيات لأن السلطة لديها ما يمكنها من السيطرة عليها، وان المسؤولية الذاتية تقع علي الإعلامي نفسه لذا يجب توحيد الجهود بين الوسائل الاعلامية لوضع ضوابط محددة، للوصول الي حلول لتلك المشكلات خاصة بعد ان اصبحنا امام حقيقة اساسية اعلامية فتحولت المؤسسات الاعلامية من البقرة الحلوب الي الحصان الجامح، فلم تعد هناك وسيلة للسيطرة علي الإعلام إلا عبر تربية الإعلاميين. ويري الكاتب الصحافي جهاد الخازن رئيس تحرير جريدة الحياة سابقاً، ان الإعلام لم يلعب دوراً في تحريك الشارع العربي لأن هذا الشارع ميت بالأصل، والمواطن العربي يعرف كل ما يحدث وهو قادر علي قراءة أبعاده، بل لقد لعب الإعلام في الوقت الراهن دوراً كبيراً في نقل الأحداث الي الجماهير في الشارع العربي بواقعية، ولكنه اسمع لو نادي حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
وقال وضاح خنفر مدير عام قناة الجزيرة ، انه ليس من الضروري أو المطلوب من الإعلام ان يلعب دوراً تحريضياً أو تنفيسياً، بل علي المؤسسة الإعلامية ان تنقل الواقع والتعامل معه برؤية إعلامية مهنية، والمشكلة ان الإعلام العربي عادة إما مستنسخ أو موجه من قبل السلطة، بينما لا بد ان تكون له رؤية مستقلة بذاتها، معتمدة علي المصداقية والحقيقة، وأن تكون رؤيته ثابتة لا تتغير مع تغير التأثيرات الخارجية، أو الظروف الواقعية. وأوضح خنفر ان الجزيرة تعرضت لكثير من الاتهامات بسبب ثبات تعاملها مع الأحداث، فهي في فترة اتهمت بالتنفيس وفي وقت آخر اتهمت بالتحريض، واتهمها كل طرف بالعمالة للطرف الآخر، ولكن الحقيقة ان صانع الخبر في الجزيرة لا يبحث إلا عن المصداقية والالتزام بالأعراف المهنية، وقد رفعت القناة شعار الرأي والرأي الآخر وهو منهج مستحدث في الإعلام العربي وكانت الجزيرة هي أول من وضعه، وهو ما يجب ان يكون عليه الإعلام العربي.