أكد قانونيون وإعلاميون في ندوة حوارية بعنوان “الصحافة والمطبوعات والعقوبات الواردة في القوانين النافذة”، ان الحق في حرية الرأي والتعبير يعتبر من الحقوق المكفولة في الدستور الأردني، مطالبين تجسيد هذا الحق في التشريعات الأردنية، وإدخال تعديلات على قانوني “العقوبات” و”أمن الدولة” بما يوفر الضمانات القانونية لإعلام حر.
وقال قاضي محكمة بداية عمان وليد كناكرية في الندوة التي نظمها المجلس الأعلى للإعلام أمس، إن تحمل الإعلام لمسؤولياته يقتضي رفع سقف حرية الإعلام بشكل عام والصحافة والمطبوعات بشكل خاص، لتكون أداة اقتصادية في خدمة الاقتصاد الوطني، وسياسية تستخدم في الرقابة الشعبية وحرية التعبير والحوار والنقاش، وتنموية تساهم في التطوير والتحضر والتحديث، ومحاربة التخلف ومواكبة النهوض الاجتماعي بكافة أشكاله وأنواعه.
وانتقد كناكرية في ورقته البحثية حول “الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات في قانون المطبوعات والنشر”، عدم تجانس وترابط نصوص قانون المطبوعات والنشر المعدل لسنة 2003 ومشروع تعديل القانون المعروض أمام مجلس النواب، وتضمنها خلطا ما بين حقوق وآداب مهنة الصحافة، وتداخلا وأحيانا تناقض نصوصها مع القوانين الأخرى.
وقال كناكرية، ان قانون المطبوعات والنشر الحالي تضمن بين نصوصه اثنين وثلاثين جرما، منها ثمانية محددة بصورة صريحة، و24 جرما تدخل ضمن أحكام الفقرة (ج) من المادة 46 التي نصت على أن كل مخالفة لأحكام القانون لم يرد نص على عقوبة عليها فيعاقب مرتكبها بغرامة لا تزيد عن 100 دينار.
ورأى كناكرية أن النص المقترح في تعديل قانون المطبوعات والنشر المتضمن عدم جواز التوقيف والحبس في قضايا المطبوعات لم يأت بجديد، اذ أن جميع العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنشر الحالي هي الغرامة وليس الحبس، كما أن القانون الحالي ونصوص مشروع تعديله لا تمنع من تطبيق أحكام القوانين الأخرى التي تقضي بعقوبة الحبس على الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات.
وذكر كناكرية أن نصوص مشروع تعديل قانون المطبوعات والنشر الجديد تضمنت مبالغة واضحة في الغرامات المفروضة على مخالفة أحكام القانون، كما لا تمنع محكمة أمن الدولة من النظر في قضايا المطبوعات والنشر التي تدخل ضمن اختصاصها بمقتضى قانونها.
وأكد أنه من الخطأ معالجة إساءة استخدام حرية الصحافة والمطبوعات عبر تضييق هامش الحرية أو تشديد العقوبات عليها، لافتا إلى أن العلاج الأمثل هو بالتخلي عن المخاوف والهواجس من وجود صحافة حرة مستقلة تتحمل مسؤوليتها بذاتها عبر وضع أسس تضمن للصحافة ذاتها ضمان محافظة أعضائها على آداب المهنة ومبادئها وقيمها.
وقال رئيس المجلس الأعلى للإعلام إبراهيم عز الدين لدى افتتاحه الندوة، إن الأجندة التشريعية اكتملت بالنسبة لقطاع الإعلام من قبل المجلس، ولكنها لم تكتمل من الأطراف الأخرى في الدولة، لافتا إلى أن عددا منها يسير بالقنوات الدستورية لإقرارها حيث ما يزال بعضها في مجلس النواب وبعضها الآخر في ديوان التشريع.
وأكد أن هناك جملة قوانين إذا ما أقرت ودخلت حيز التطبيق فإنها تعطي دفعة حقيقية باتجاه الحرية والمهنية الصحافية، اذ اشتملت التشريعات بحسب عز الدين على مشروع تعديل قانون المطبوعات والنشر ومشروع قانون مؤسسة الإذاعة والتلفزيون المنظور بهما أمام اللجنة المختصة في مجلس النواب.
ومن أبرز التعديلات التي تضمنها المشروع المعدل لقانون المطبوعات والنشر وفقا لعز الدين، النص على “عدم جواز توقيف الصحفي أو حبسه في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات، كما أجاز للصحافي الظنين أو المتهم بارتكاب جريمة بواسطة المطبوعات أن ينيب وكيلا لحضور ومتابعة إجراءات المحاكمة، ورفع الرقابة عن المطبوعات إعمالا للمادة الدستورية التي لا تجيز فرض الرقابة في الأحوال العادية.
وأكد المشروع على اختصاص محكمة البداية بالنظر في الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات، وألا يتم وقف الصحيفة إلا بواسطة القضاء وضمن شروط واضحة وشفافة.
وعرض عز الدين القوانين التي قدمها المجلس إلى الحكومة؛ ومنها مشروع قانون معدل لقانون مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الذي يعطي للمؤسسة استقلالية في تقرير سياساتها التحريرية والبرامجية، وقانون حق الحصول على المعلومات الذي يمنح المواطنين حق الحصول على المعلومة بصورة متوازنة، ويحافظ في الوقت نفسه على حق الدولة في الحفاظ على سرية الوثائق المتعلقة بالأمن الوطني والنظام العام.
ومن القوانين الأخرى التي رفعها المجلس إلى رئاسة الوزراء وتسهم في رفع سقف الحرية الصحافية والإعلامية كان القانون المعدل لقانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 17 لسنة 1959 وتعديلاته الذي يعيد الاختصاص لمحكمة البداية أو القضاء النظامي للنظر في القضايا التي تنظر بها الآن محكمة أمن الدولة بالنسبة للجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات.
وفي إطار الجلسة الأولى التي ترأسها أستاذ القانون محمد علوان، ميز أستاذ القانون مصطفى مشعشع بين جرائم النشر التي تخص المطبوعات دون غيرها أو الجرائم التي تقع بواسطة المطبوعات وتختلف من مصدر تجريمها أو طبيعتها أو وسائل ارتكابها، ولكنها تشترك في أن النشر أحد الوسائل التي تقع من خلاله، مشيرا إلى أن قانون العقوبات هو التشريع الذي يتضمن معظم النصوص ذات الصلة بالجرائم الواقعة بواسطة المطبوعات إلى جانب قوانين أخرى نصت على هذا النوع من الجرائم كقانون انتهاك حرمة المحاكم وقانون حماية أسرار ووثائق الدولة.
وفي الجلسة الثانية من الندوة، التي شارك فيها متخصصون من القضاة وأساتذة الجامعات ومحامون ومستشارون قانونيون للصحف، قدم أستاذ القانون الجنائي في جامعة الزيتونة عرضا لجرائم القدح والذم المرتكبة بواسطة المطبوعات.